يُهْدِي عَنْهُ، وَهَذَا الْقَوْلُ يُتَصَوَّرُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَهُ بِبَلَدِهِ مَالٌ، أَوْ وَجَدَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ. وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنَ الصَّوْمِ، فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى مَاتَ، فَهَلْ هُوَ كَصَوْمِ رَمَضَانَ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، فَيَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ عَلَى الْقَدِيمِ. وَفِي الْجَدِيدِ: يُطْعِمُ عَنْهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدًّا. فَإِنْ كَانَ تَمَكَّنَ مِنَ الْأَيَّامِ الْعَشَرَةِ، فَعَشَرَةُ أَمْدَادٍ، وَإِلَّا فَبِالْقِسْطِ.
وَهَلْ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إِلَى فُقَرَاءِ الْحَرَمِ، أَمْ يَجُوزُ إِلَى غَيْرِهِمْ أَيْضًا؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الثَّانِي. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَكُونُ كَصَوْمِ رَمَضَانَ. فَعَلَى هَذَا قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الرُّجُوعُ عَلَى الدَّمِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى هَذَا الصَّوْمِ مِنَ الْأَمْدَادِ، فَيَجِبُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِلَى الْعَشَرَةِ شَاةٌ، وَفِي يَوْمٍ ثُلُثُ شَاةٍ، وَفِي يَوْمَيْنِ ثُلُثَاهَا. وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ، كَإِتْلَافِ الشَّعْرَةِ وَالشَّعْرَتَيْنِ مِنَ الْمُحْرِمِ. وَفِي الشَّعْرَةِ، ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا: مُدٌّ. وَالثَّانِي: دِرْهَمٌ. وَالثَّالِثُ: ثُلُثُ شَاةٍ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا. وَأَمَّا التَّمَكُّنُ الْمَذْكُورُ، فَصَوْمُ الثَّلَاثَةِ، يَتَمَكَّنُ مِنْهُ بِأَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ لِزَمَنٍ يَسَعُ صَوْمَهَا قَبْلَ الْفَرَاغِ، وَلَا يَكُونُ عَارِضٌ مِنْ مَرَضٍ وَغَيْرِهِ. وَذَكَرَ الْإِمَامُ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ فِي تَرِكَتِهِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إِلَى الْوَطَنِ؛ لِأَنَّ دَوَامَ السَّفَرِ كَدَوَامِ الْمَرَضِ، فَلَا يَزِيدُ تَأَكُّدُ الثَّلَاثَةِ عَلَى صَوْمِ رَمَضَانَ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ غَيْرُ وَاضِحٍ، لِأَنَّ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ، يَتَعَيَّنُ إِيقَاعُهُ فِي الْحَجِّ بِالنَّصِّ. وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا، فَلَا يَكُونُ السَّفَرُ عُذْرًا فِيهِ بِخِلَافِ رَمَضَانَ. وَأَمَّا السَّبْعَةُ، فَإِنْ قُلْنَا: الرُّجُوعُ إِلَى الْوَطَنِ، فَلَا تُمْكِنُ قَبْلَهُ. وَإِنْ قُلْنَا: الْفَرَاغُ مِنَ الْحَجِّ، فَلَا تُمْكِنُ قَبْلَهُ. ثُمَّ دَوَامُ السَّفَرِ عُذْرٌ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ. وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: إِذَا اسْتَحْبَبْنَا التَّأْخِيرَ إِلَى أَنْ يَصِلَ الْوَطَنَ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ الْفَرَاغِ، فَهَلْ يُفْدَى عَنْهُ إِذَا مَاتَ؟ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute