للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ -: أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِالتَّلْبِيَةِ، لَكِنْ يَقُومُ مَقَامَهَا سَوْقُ الْهَدْيِ، وَتَقْلِيدُهُ، وَالتَّوَجُّهُ مَعَهُ. وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْوُجُوبِ دُونَ الِاشْتِرَاطِ، وَذَكَرَ تَفْرِيعًا عَلَيْهِ: أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ التَّلْبِيَةَ، لَزِمَهُ دَمٌ.

قُلْتُ: صِفَةُ النِّيَّةِ: أَنْ يَنْوِيَ الدُّخُولَ فِي الْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ أَوْ فِيهِمَا وَالتَّلَبُّسَ بِهِ. وَالْوَاجِبُ: أَنْ يَنْوِيَ هَذَا بِقَلْبِهِ. فَإِنْ ضَمَّ إِلَى نِيَّةِ الْقَلْبِ التَّلَفُّظَ، كَانَ أَفْضَلَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

إِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إِنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ النِّيَّةُ، فَلَوْ لَبَّى بِالْعُمْرَةِ وَنَوَى الْحَجَّ، فَهُوَ حَاجٌّ، وَبِالْعَكْسِ مُعْتَمِرٌ. وَلَوْ تَلَفَّظَ بِأَحَدِهِمَا، وَنَوَى الْقِرَانَ، فَقَارَنَ. وَلَوْ تَلَفَّظَ بِالْقِرَانِ، وَنَوَى أَحَدَهُمَا، فَهُوَ لِمَا نَوَى.

فَرْعٌ

الْإِحْرَامُ حَالَانِ. أَحَدُهُمَا: يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا، بِأَنْ يَنْوِيَ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ بِعَيْنِهِ، أَوْ كِلَيْهِمَا. فَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجَّتَيْنِ، أَوْ عُمْرَتَيْنِ، انْعَقَدَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ الْأُخْرَى. الثَّانِي: يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا، بِأَنْ يَنْوِيَ نَفْسَ الْإِحْرَامِ، وَلَا يَقْصِدَ الْقِرَانَ، وَلَا أَحَدَ النُّسُكَيْنِ، وَهَذَا جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ. ثُمَّ يُنْظَرُ إِنْ أَحْرَمَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَهُ صَرْفُهُ إِلَى مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قِرَانٍ، وَيَكُونُ التَّعْيِينُ بِالنِّيَّةِ لَا بِاللَّفْظِ، وَلَا يُجْزِئُهُ الْعَمَلُ قَبْلَ النِّيَّةِ. وَإِنْ أَحْرَمَ قَبْلَ الْأَشْهُرِ فَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْعُمْرَةِ صَحَّ، وَإِنْ صَرَفَهُ إِلَى الْحَجِّ بَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ، فَوَجْهَانِ. الصَّحِيحُ: لَا يَجُوزُ، بَلِ انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ. وَالثَّانِي: يَنْعَقِدُ مُبْهَمًا، وَلَهُ صَرْفُهُ بَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ، إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>