مَكَّةَ. وَالَّذِي يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّهَا بِالْمَدِّ أَيْضًا. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ كَتَبُوهَا بِالْأَلْفِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَهَا بِالْيَاءِ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ الضَّبْطِ: أَنَّ الثَّنِيَّةَ السُّفْلَى - بِالْقَصْرِ وَتَنْوِينِ الدَّالِ - وَلَا اعْتِدَادَ بِشَيَاعِ خِلَافِهِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ. وَأَمَّا كِتَابَتُهُ بِالْأَلِفِ، فَلَيْسَتْ مُلَازِمَةً لِلْمَدِّ. وَالثَّنِيَّةُ: الطَّرِيقُ الضَّيِّقُ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، وَهَذِهِ الثَّنِيَّةُ عِنْدَ جَبَلِ قُعَيْقِعَانَ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
قَالَ الْأَصْحَابُ: وَهَذِهِ السُّنَّةُ فِي حَقِّ مَنْ جَاءَ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ.
فَأَمَّا الْآتِي مِنْ غَيْرِهَا، فَلَا يُؤْمَرُ أَنْ يَدُورَ حَوْلَ مَكَّةَ لِيَدْخُلَ مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءَ، وَكَذَا الْغُسْلُ بِذِي طُوًى. قَالُوا: وَإِنَّمَا دَخَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تِلْكَ الثَّنِيَّةِ اتِّفَاقًا لَا قَصْدًا. وَمُقْتَضَى هَذَا: أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ نُسُكٌ بِالدُّخُولِ مِنْهَا لِلْآتِي مِنْ جِهَةِ الْمَدِينَةِ. وَكَذَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْسَتِ الثَّنِيَّةُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ، بَلْ عَدَلَ إِلَيْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: فَيُسْتَحَبُّ الدُّخُولُ مِنْهَا لِكُلِّ آتٍ. وَوَافَقَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُمْهُورَ، وَسَلَّمَ لِلشَّيْخِ بِأَنَّ مَوْضِعَ الثَّنِيَّةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ: أَنْ يُسْتَحَبَّ الدُّخُولُ مِنَ الثَّنِيَّةِ لِكُلِّ آتٍ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
فَرْعٌ
هَلِ الْأَفْضَلُ دُخُولُ مَكَّةَ مَاشِيًا، أَمْ رَاكِبًا؟ وَجْهَانِ. فَإِنْ دَخَلَ مَاشِيًا، فَقِيلَ: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ حَافِيًا.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: مَاشِيًا أَفْضَلَ، وَلَهُ دُخُولُ مَكَّةَ لَيْلًا وَنَهَارًا بِلَا كَرَاهَةٍ، فَقَدْ ثَبَتَتِ السُّنَّةُ فِيهِمَا. وَالْأَصَحُّ: أَنَّ النَّهَارَ أَفْضَلُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَاخْتَارَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute