عَنِ الْحَامِلِ فَقَطْ تَخْرِيجًا عَلَى قَوْلِنَا: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الطَّوَافَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَحْسُوبًا لَهُ، فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا حَمَلَ مُحْرِمَيْنِ وَطَافَ بِهِمَا وَهُوَ حَلَالٌ، أَوْ مُحْرِمٌ قَدْ طَافَ، فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لِلْحَامِلِ، فَيَكُونُ الْمَحْمُولَانِ كَرَاكِبَيْ دَابَّةٍ.
وَالثَّالِثُ: يَقَعُ عَنْهُمَا جَمِيعًا. وَلَوْ قَصَدَ الطَّوَافَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَعَ عَنْهُ، وَلَا يُحْسَبُ عَنِ الْمَحْمُولِ، قَالَهُ الْإِمَامُ، وَحُكِيَ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَا لَوْ قَصَدَ الطَّوَافَ لِنَفْسِهِ وَلِلْمَحْمُولِ. وَحَكَى صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَجْهَيْنِ فِي حُصُولِهِ لِلْمَحْمُولِ، مَعَ الْحَامِلِ. وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا مِنَ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ كِلَيْهِمَا. وَسَوَاءٌ فِي الصَّبِيِّ الْمَحْمُولِ حَمَلَهُ وَلِيُّهُ الَّذِي أَحْرَمَ عَنْهُ أَوْ غَيْرُهُ.
قُلْتُ: لَوْ طَافَ الْمُحْرِمُ بِالْحَجِّ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُحْرِمٌ بِعُمْرَةٍ أَجْزَأَهُ عَنِ الْحَجِّ، كَمَا لَوْ طَافَ عَنْ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ طَوَافٌ، ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الْوَاجِبُ الثَّامِنُ: مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَهُوَ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الطَّوْفَاتِ السَّبْعِ، وَفِيهَا قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهَا سُنَّةٌ، فَلَا تَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ. وَالثَّانِي: وَاجِبَةٌ، فَتَبْطُلُ بِالتَّفْرِيقِ الْكَثِيرِ بِلَا عُذْرٍ. فَإِنَّ فَرَّقَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا بِعُذْرٍ، فَهُوَ كَمَا قُلْنَا فِي الْوُضُوءِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَالْكَثِيرُ مَا يُغَلِّبُ عَلَى الظَّنِّ تَرْكَهُ الطَّوَافَ. وَلَوْ أُقِيمَتِ الْمَكْتُوبَةُ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ، فَالتَّفْرِيقُ بِهَا تَفْرِيقٌ بِعُذْرٍ. وَقَطْعُ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوِ الرَّوَاتِبِ مَكْرُوهٌ، إِذْ لَا يَحْسُنُ تَرْكُ فَرْضِ الْعَيْنِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ.
أَمَّا سُنَنُ الطَّوَافِ، فَخَمْسٌ.
الْأُولَى: أَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا، وَلَا يَرْكَبَ إِلَّا لِعُذْرِ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ كَانَ مِمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَى ظُهُورِهِ لِيُسْتَفْتَى. وَلَوْ طَافَ رَاكِبًا بِلَا عُذْرٍ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ، كَذَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ تَلْوِيثُهَا الْمَسْجِدَ شَيْءٌ. فَإِنْ أَمْكَنَ الِاسْتِيثَاقُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَإِدْخَالُهَا مَكْرُوهٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute