الرَّابِعَةُ: الرَّمَلُ - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ - وَهُوَ الْإِسْرَاعُ فِي الْمَشْيِ مَعَ تَقَارُبِ الْخُطَى دُونَ الْوُثُوبِ وَالْعَدْوِ. وَيُقَالُ لَهُ: الْخَبَبُ. وَغَلِطَ الْأَئِمَّةُ مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ دُونَ الْخَبَبِ.
وَيُسَنُّ الرَّمَلُ فِي الطَّوْفَاتِ الثَّلَاثِ الْأُوَلِ. وَيُسَنُّ الْمَشْيُ عَلَى الْهَيْنَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ. ثُمَّ هَلْ يَسْتَوْعِبُ الْبَيْتَ بِالرَّمَلِ؟ قَوْلَانِ. الْمَشْهُورُ: يَسْتَوْعِبُ.
وَالثَّانِي: لَا يُرْمَلُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ. وَلَا خِلَافَ أَنَّ الرَّمَلَ لَا يُسَنُّ فِي كُلِّ طَوَافٍ، بَلْ فِيمَا يُسَنُّ فِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: إِنَّمَا يُسَنُّ فِي طَوَافٍ يَسْتَعْقِبُ السَّعْيَ. وَالثَّانِي: يُسَنُّ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ. فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ: لَا رَمَلَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ. وَيَرْمُلُ مَنْ قَدِمَ مَكَّةَ مُعْتَمِرًا لِوُقُوعِ طَوَافِهِ مُجْزِئًا عَنِ الْقُدُومِ وَاسْتِعْقَابِهِ السَّعْيَ. وَيَرْمُلُ أَيْضًا الْحَاجُّ الْأُفُقِيُّ إِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ إِلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ، وَإِنْ دَخَلَهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، فَهَلْ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْقُدُومِ؟ يُنْظَرُ إِنْ كَانَ لَا يَسْعَى عَقِبَهُ، فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: يَرْمُلُ. وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَرْمُلُ، وَإِنَّمَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ.
وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَقِبَهُ، يَرْمُلُ فِيهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَإِذَا رَمَلَ فِيهِ، وَسَعَى بَعْدَهُ، فَلَا يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إِنْ لَمْ يُرِدِ السَّعْيَ عَقِبَهُ، وَكَذَا إِنْ أَرَادَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَإِذَا طَافَ لِلْقُدُومِ، وَسَعَى بَعْدَهُ وَلَمْ يَرْمُلْ، فَهَلْ يَقْضِيهِ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ؟ وَجْهَانِ. وَيُقَالُ قَوْلَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا.
وَلَوْ طَافَ وَرَمَلَ وَلَمْ يَسْعَ، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الْإِفَاضَةِ هُنَا، لِبَقَاءِ السَّعْيِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ فَرَّعُوا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ الثَّانِي لَا يَعْتَبِرُ السَّعْيَ. وَهَلْ يَرْمُلُ الْمَكِّيُّ الْمُنْشِئُ حَجَّهُ مِنْ مَكَّةَ؟ إِنْ قُلْنَا بِالْقَوْلِ الثَّانِي فَلَا إِذْ لَا قُدُومَ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَنَعَمْ، لِاسْتِعْقَابِهِ السَّعْيَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute