مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ الْغُرُوبِ، فَيَأْتُونَ مُزْدَلِفَةَ، فَيَجْمَعُونَ الصَّلَاتَيْنِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَبِيتُوا بِهَا، وَهَذَا الْمَبِيتُ لَيْسَ بِرُكْنٍ. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا: هُوَ رُكْنٌ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ. ثُمَّ الْمَبِيتُ نُسُكٌ. فَإِنْ دَفَعَ بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِهِ، أَوْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَعَادَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ تَرَكَ الْمَبِيتَ مِنْ أَصْلِهِ، أَوْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَلَمْ يَعُدْ، أَرَاقَ دَمًا. وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ، أَمْ مُسْتَحَبٌّ؟ فِيهِ طُرُقٌ. أَصَحُّهَا: عَلَى قَوْلَيْنِ كَالْإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ.
وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْإِيجَابِ. وَالثَّالِثُ: بِالِاسْتِحْبَابِ.
قُلْتُ: لَوْ لَمْ يَحْضُرْ مُزْدَلِفَةَ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ، وَحَضَرَهَا سَاعَةً فِي النِّصْفِ الثَّانِي، حَصَلَ الْمَبِيتُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْأُمِّ» ، وَفِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْإِمْلَاءِ» وَالْقَدِيمِ: يَحْصُلُ بِسَاعَةٍ بَيْنَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ. وَفِي قَوْلٍ: يُشْتَرَطُ مُعْظَمُ اللَّيْلِ. وَالْأَظْهَرُ: وُجُوبُ الدَّمِ بِتَرْكِ الْمَبِيتِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ النِّسَاءِ وَالضَّعَفَةِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ إِلَى مِنًى. وَأَمَّا غَيْرُهُمْ، فَيَمْكُثُونَ حَتَّى يُصَلُّوا الصُّبْحَ بِهَا، وَيُغَلِّسُونَ بِالصُّبْحِ. وَالتَّغْلِيسُ هُنَا، أَشَدُّ اسْتِحْبَابًا مِنْ بَاقِي الْأَيَّامِ.
فَرْعٌ
يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذُوا حَصَى الْجِمَارِ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ. وَلَوْ أَخَذُوا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ جَازَ، لَكِنْ يُكْرَهُ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالْحُشِّ وَالْمُرْمَى. وَقَدْ قُدِّرَ الْمَأْخُوذُ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: سَبْعُونَ حَصَاةً لِرَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ، قَالَهُ فِي الْمِفْتَاحِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute