بِشُرُوعِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي أَسْبَابِ التَّحَلُّلِ. وَكَذَا الْمُعْتَمِرُ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ بِأَخْذِهِ فِي الطَّوَافِ. وَيُسْتَحَبُّ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ: أَنْ يَرْمِيَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، ثُمَّ يَأْتِيَ بِبَاقِيهَا، فَيَقْطَعَ الطَّوَافَ فِي ضَحْوَةٍ، وَيَدْخُلُ وَقْتُ جَمِيعِهَا بِانْتِصَافِ لَيْلَةِ النَّحْرِ. وَمَتَى يَخْرُجُ؟ أَمَّا الرَّمْيُ: فَيَمْتَدُّ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ يَوْمَ النَّحْرِ. وَهَلْ يَمْتَدُّ تِلْكَ اللَّيْلَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا. وَأَمَّا الذَّبْحُ، فَالْهَدْيُ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ، لَكِنْ يَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ. بِخِلَافِ الضَّحَايَا، فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَلَا تَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ.
قُلْتُ: كَذَا جَزَمَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ هُنَا: بِأَنَّ الْهَدَايَا لَا تَخْتَصُّ بِزَمَنٍ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا كَالْأُضْحِيَةِ، تَخْتَصُّ بِالْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ. وَقَدْ ذَكَرَهُ هُوَ عَلَى الصَّوَابِ فِي بَابِ الْهَدْيِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَرِيبًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الْحَلْقُ وَالطَّوَافُ، فَلَا يَتَوَقَّتُ أَحَدُهُمَا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَطُوفَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ. فَإِنْ طَافَ لِلْوَدَاعِ وَخَرَجَ [وَقَعَ] عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، وَإِنْ خَرَجَ وَلَمْ يَطُفْ أَصْلًا، لَمْ تَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ. ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ: لَا يَتَوَقَّتُ آخِرُ الطَّوَافِ، وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَضَاءً. وَفِي «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهُ إِذَا تَأَخَّرَ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، صَارَ قَضَاءً.
فَرْعٌ
لِلْحَجِّ تَحَلُّلَانِ، وَلِلْعُمْرَةِ تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ. قَالَ الْأَصْحَابُ: لِأَنَّ الْحَجَّ يَطُولُ زَمَنُهُ، وَتَكْثُرُ أَعْمَالُهُ. بِخِلَافِ الْعُمْرَةِ، فَأُبِيحَ بَعْضُ مُحَرَّمَاتِهِ فِي وَقْتٍ، وَبَعْضُهَا فِي وَقْتٍ. ثُمَّ أَسْبَابُ تَحَلُّلِ الْحَجِّ: الرَّمْيُ، وَالطَّوَافُ، وَالْحَلْقُ إِنْ قُلْنَا: هُوَ نُسُكٌ، وَإِلَّا فَالرَّمْيُ وَالطَّوَافُ. إِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِنُسُكٍ، حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِأَحَدِهِمَا، وَالتَّحَلُّلُ الثَّانِي بِالْآخَرِ، وَإِلَّا حَصَلَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنَ الثَّلَاثَةِ، إِمَّا الرَّمْيُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute