التَّدَارُكِ؟ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ كَالتَّرْتِيبِ فِي الْمَكَانِ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْمُتَدَارَكَ قَضَاءٌ، أَمْ أَدَاءٌ؟ إِنْ قُلْنَا: أَدَاءٌ، وَجَبَ التَّرْتِيبُ، وَإِلَّا فَلَا. فَإِنْ لَمْ نُوجِبِ التَّرْتِيبَ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْعُذْرِ كَالرِّعَاءِ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: نَظِيرُهُ أَنَّ مَنْ فَاتَتْهُ الظُّهْرُ لَا يَلْزَمُهُ تَرْتِيبٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ. وَلَوْ أَخَّرَهَا لِلْجَمْعِ، فَوَجْهَانِ. وَلَوْ رَمَى إِلَى الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا عَنِ الْيَوْمِ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ إِلَيْهَا عَنْ أَمْسِهِ أَجْزَأَهُ إِنْ لَمْ نُوجِبِ التَّرْتِيبَ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُجْزِئُهُ وَيَقَعُ عَنِ الْقَضَاءِ.
وَالثَّانِي: لَا يُجْزِئُهُ أَصْلًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ صَرَفَ الرَّمْيَ إِلَى غَيْرِ النُّسُكِ، بِأَنْ رَمَى إِلَى شَخْصٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي الْجَمْرَةِ، فَفِي انْصِرَافِهِ عَنِ النُّسُكِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي صَرْفِ الطَّوَافِ. فَإِنْ لَمْ يَنْصَرِفْ وَقَعَ عَنْ أَمْسِهِ، وَلَغَا قَصْدُهُ. وَإِنِ انْصَرَفَ، فَإِنْ شَرَطْنَا التَّرْتِيبَ، لَمْ يُجْزِئْهُ أَصْلًا، وَإِلَّا أَجْزَأَهُ عَنْ يَوْمِهِ. وَلَوْ رَمَى إِلَى كُلِّ جَمْرَةٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ حَصَاةً، سَبْعًا عَنْ أَمْسِهِ، وَسَبْعًا عَنْ يَوْمِهِ، جَازَ إِنْ لَمْ نَعْتَبِرِ التَّرْتِيبَ، وَإِلَّا فَلَا. وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْمُخْتَصَرِ. هَذَا كُلُّهُ فِي رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. أَمَّا إِذَا تَرَكَ رَمْيَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَفِي تَدَارُكِهِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِعَدَمِ التَّدَارُكِ لِلْمُغَايَرَةِ بَيْنَ الرَّمْيَيْنِ قَدْرًا وَوَقْتًا وَحُكْمًا، فَإِنَّ رَمْيَ النَّحْرِ يُؤَثِّرُ فِي التَّحَلُّلِ.
فَرْعٌ
يُشْتَرَطُ فِي رَمْيِ التَّشْرِيقِ، التَّرْتِيبُ فِي الْمَكَانِ بِأَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَةَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ، ثُمَّ الْوُسْطَى، ثُمَّ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ. وَلَا يُعْتَدُّ بِرَمْيِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى، وَلَا بِالثَّالِثَةِ، قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَيَيْنِ. وَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيْنَ تَرَكَهَا جَعَلَهَا مِنَ الْأُولَى، فَرَمَى إِلَيْهَا حَصَاةً وَأَعَادَ الْأُخْرَيَيْنِ. وَفِي اشْتِرَاطِ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ، وَرَمَيَاتِ الْجَمْرَةِ الْوَاحِدَةِ، الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الطَّوَافِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute