أَمَّا غَيْرُ الرَّأْسِ، فَيَجُوزُ سَتْرُهُ. لَكِنْ لَا يَجُوزُ لُبْسُ الْقَمِيصِ، وَلَا السَّرَاوِيلِ، وَالتُّبَّانِ، وَالْخُفِّ، وَنَحْوِهَا. فَإِنْ لَبِسَ شَيْئًا مِنْ هَذَا مُخْتَارًا، لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ قَصُرَ الزَّمَانُ أَمْ طَالَ وَلَوْ لَبِسَ الْقَبَاءَ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ، سَوَاءٌ أَخَرَجَ يَدَهُ مِنَ الْكُمَّيْنِ، أَمْ لَا. وَفِيهِ وَجْهٌ قَالَهُ فِي «الْحَاوِي» : أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَنْ أَقْبِيَةِ خُرَاسَانَ ضَيِّقَ الْأَكْمَامِ قَصِيرَ الذَّيْلِ، لَزِمَتِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْكُمِّ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقْبِيَةِ الْعِرَاقِ وَاسِعَ الْكُمِّ طَوِيلَ الذَّيْلِ، لَمْ يَجِبْ حَتَّى يُدْخِلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ: مَا سَبَقَ.
وَلَوْ أَلْقَى عَلَى نَفْسِهِ قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّةً، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ. قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ أَخَذَ مِنْ بَدَنِهِ مَا إِذَا قَامَ عُدَّ لَابِسَهُ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ. وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ قَامَ أَوْ قَعَدَ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَيْهِ إِلَّا بِمَزِيدِ أَمْرٍ، فَلَا. وَاللُّبْسُ مَرْعِيٌّ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ عَلَى مَا يُعْتَادُ فِي كُلِّ مَلْبُوسٍ. فَلَوِ ارْتَدَى بِقَمِيصٍ، أَوْ قَبَاءَ أَوِ الْتَحَفَ بِهَا أَوِ اتَّزَرَ بِسَرَاوِيلَ، فَلَا فِدْيَةَ. كَمَا لَوِ اتَّزَرَ بِإِزَارٍ لَفَّقَهُ مِنْ رِقَاعٍ. وَلَا يَتَوَقَّفُ التَّحْرِيمُ وَالْفِدْيَةُ فِي الْمَلْبُوسِ عَلَى الْمَخِيطِ، بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَخِيطِ وَالْمَنْسُوجِ، كَالزَّرْدِ، وَالْمَعْقُودِ كَجُبَّةِ اللِّبَدِ، وَالْمُلَفَّقِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، سَوَاءٌ الْمُتَّخَذُ مِنَ الْقُطْنِ وَالْجِلْدِ وَغَيْرِهِمَا. وَيَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِزَارَ وَيَشُدَّ عَلَيْهِ خَيْطًا، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِثْلَ الْحُجُزَةِ، وَيُدْخِلَ فِيهَا التِّكَّةَ وَأَنْ يَشُدَّ طَرَفَ إِزَارِهِ فِي طَرَفِ رِدَائِهِ، وَلَا يَعْقِدُ رِدَاءَهُ وَلَهُ أَنْ يَغْرِزَهُ فِي طَرَفِ إِزَارِهِ. وَلَوِ اتَّخَذَ لِرِدَائِهِ شَرَجًا وَعُرًى، وَرَبَطَ الشَّرَجَ بِالْعُرَى، وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الرِّدَاءِ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ خَلُّهُ بِخِلَالٍ أَوْ مِسَلَّةٍ، وَلَا رَبْطُ طَرَفِهِ إِلَى طَرَفِهِ بِخَيْطٍ وَنَحْوِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوْ شَقُّ الْإِزَارَ نِصْفَيْنِ، وَلَفَّ عَلَى كُلِّ سَاقٍ نِصْفًا وَعَقَدَهُ، فَالَّذِي نَقَلَهُ الْأَصْحَابُ: وُجُوبُ الْفِدْيَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالسَّرَاوِيلِ. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَا فِدْيَةَ لِمُجَرَّدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute