للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ عَلِمَ تَحْرِيمَ الطِّيبِ، وَجَهِلَ كَوْنَ الْمَمْسُوسِ طِيبًا، فَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. وَلَوْ مَسَّ طِيبًا رَطْبًا وَهُوَ يَظُنُّهُ يَابِسًا لَا يَعْلُقُ بِهِ شَيْءٌ مِنْهُ، فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ قَوْلَانِ. رَجَّحَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ: الْوُجُوبَ. وَرَجَّحَتْ طَائِفَةٌ عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» : أَنَّهُ الْقَوْلُ الْجَدِيدُ. وَمَتَى لَصِقَ الطِّيبُ بِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُوجِبُ الْفِدْيَةَ بِأَنْ كَانَ نَاسِيًا، أَوْ أَلْقَتْهُ الرِّيحُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَادِرَ إِلَى غَسْلِهِ، أَوْ يُنَحِّيَهُ أَوْ يُعَالِجَهُ بِمَا يَقْطَعُ رِيحَهُ.

وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ بِإِزَالَتِهِ، فَإِنْ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ أَخَّرَ إِزَالَتَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ فَإِنْ كَانَ زَمِنًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِزَالَةِ فَلَا فِدْيَةَ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى التَّطَيُّبِ، قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» .

قُلْتُ: وَلَوْ لَصَقَ بِهِ طِيبٌ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ لَزِمَهُ أَيْضًا الْمُبَادَرَةُ إِلَى إِزَالَتِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: دَهْنُ شَعْرِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، قَدْ سَبَقَ أَنَّ الدُّهْنَ مُطَيِّبٌ وَغَيْرُهُ. فَالْمُطَيِّبُ: سَبَقَ. وَأَمَّا غَيْرُهُ: كَالزَّيْتِ، وَالشَّيْرَجِ، وَالسَّمْنِ، وَالزُّبْدِ، وَدُهْنِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ، فَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ. فَلَوْ كَانَ أَقْرَعَ، أَوْ أَصْلَعَ، فَدَهَنَ رَأْسَهُ. أَوْ أَمَرَدَ، فَدَهَنَ ذَقْنَهُ فَلَا فِدْيَةَ. وَإِنْ كَانَ مَحْلُوقَ الرَّأْسِ وَجَبَتِ الْفِدْيَةُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ هَذَا الدُّهْنِ فِي سَائِرِ الْبَدَنِ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ، وَيَجُوزُ أَكْلُهُ. وَلَوْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ شَجَّةٌ، فَجَعَلَ هَذَا الدُّهْنَ فِي دَاخِلِهَا فَلَا فِدْيَةَ.

فَرْعٌ

لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَدْخُلَ الْحَمَّامَ، وَيُزِيلَ الْوَسَخَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ عَلَى الْقَدِيمِ. وَلَهُ غَسْلُ رَأْسِهِ بِالسِّدْرِ وَالْخَطْمِيِّ لَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْجُمْهُورُ كَرَاهَتَهُ، وَحَكَى الْحَنَّاطِيُّ كَرَاهَتَهُ عَلَى الْقَدِيمِ. وَإِذَا غَسَلَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفُقَ، لِئَلَّا يَنْتِفَ شَعْرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>