الثَّانِيَةُ: لَوْ نَبَتَتْ شَعْرَةٌ أَوْ شَعَرَاتٌ دَاخِلَ جَفْنِهِ، وَتَأَذَّى بِهَا قَلَعَهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. وَلَوْ طَالَ شَعْرُ حَاجِبِهِ أَوْ رَأْسِهِ، وَغَطَّى عَيْنَهُ، قَطَعَ قَدَرَ الْمُغَطَّى، وَلَا فِدْيَةَ. وَكَذَا لَوِ انْكَسَرَ بَعْضُ ظُفْرِهِ، وَتَأَذَّى بِهِ قَطَعَ الْمُنْكَسِرَ، وَلَا يَقْطَعُ مَعَهُ مِنَ الصَّحِيحِ شَيْئًا.
الثَّالِثَةُ: ذَكَرْنَا أَنَّ النِّسْيَانَ يُسْقِطُ الْفِدْيَةَ فِي الطِّيبِ وَاللِّبَاسِ، وَكَذَا حُكْمُ مَا عَدَا الْوَطْءَ مِنَ الِاسْتِمْتَاعَاتِ، كَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسَ بِشَهْوَةٍ. وَفِي وَطْءِ النَّاسِي، خِلَافٌ يَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهَلْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِالْحَلْقِ وَالْقَلْمِ نَاسِيًا؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: تَجِبُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. وَالثَّانِي: مُخَرَّجٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْنِ لَهُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ إِذَا حَلَقَ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ، كَمُغْمًى عَلَيْهِ. وَلَوْ قَتَلَ الصَّيْدَ نَاسِيًا، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ كَالْحَلْقِ. وَقِيلَ: تَجِبُ قَطْعًا.
فَرْعٌ
لِلْمُحْرِمِ حَلْقُ شَعْرِ الْحَلَالِ. وَلَوْ حَلَقَ الْمُحْرِمُ أَوِ الْحَلَالُ شَعْرَ الْمُحْرِمِ أَثِمَ. فَإِنْ حَلَقَ بِإِذْنِهِ، فَالْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ نَائِمًا، أَوْ مُكْرَهًا، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْفِدْيَةُ عَلَى الْحَالِقِ، وَالثَّانِي: عَلَى الْمَحْلُوقِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَوِ امْتَنَعَ الْحَالِقُ مِنَ الْفِدْيَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ، فَهَلْ لِلْمَحْلُوقِ مُطَالَبَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا، وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: نَعَمْ. وَلَوْ أَخْرَجَ الْمَحْلُوقُ الْفِدْيَةَ بِإِذْنِ الْحَالِقِ جَازَ، وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا لَوْ أَخْرَجَهَا أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَحْلُوقِ، نُظِرَ إِنْ فَدَى بِالْهَدْيِ أَوِ الْإِطْعَامِ، رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْإِطْعَامِ، وَقِيمَةُ الشَّاةِ عَلَى الْحَالِقِ. وَإِنْ فَدَى بِالصَّوْمِ فَأَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: لَا يَرْجِعُ. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ بِثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ مِنْ طَعَامٍ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ صَوْمِهِ. وَالثَّالِثُ: يَرْجِعُ بِمَا يَرْجِعُ بِهِ لَوْ فَدَى بِالْهَدْيِ أَوِ الْإِطْعَامِ. وَإِذَا قُلْنَا: يَرْجِعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute