للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعْنَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ: يُحْرِمُ فِي الْقَضَاءِ مِنْ أَغْلَظِ الْمَوْضِعَيْنِ مِنَ الْمِيقَاتِ، أَوْ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ فِي الْأَدَاءِ. وَإِنْ جَاوَزَهُ غَيْرَ مُسِيءٍ، بِأَنْ لَمْ يُرِدِ النُّسُكَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَأَحْرَمَ ثُمَّ أَفْسَدَ فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ: أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ فِي الْقَضَاءِ مِنَ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ. وَالثَّانِي: لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِيَسْلُكَ بِالْقَضَاءِ مَسْلَكَ الْأَدَاءِ. وَلِهَذَا لَوِ اعْتَمَرَ مِنَ الْمِيقَاتِ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ، وَأَفْسَدَهُ كَفَاهُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ نَفْسِ مَكَّةَ.

وَلَوْ أَفْرَدَ الْحَجَّ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا، كَفَاهُ أَنْ يُحْرِمَ فِي قَضَائِهَا مِنْ أَدْنَى الْحِلِّ. وَالْوَجْهَانِ فِيمَنْ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الْمِيقَاتِ. أَمَّا لَوْ رَجَعَ ثُمَّ عَادَ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ. وَلَا يَجِبُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْقَضَاءِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْأَدَاءِ، بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ عَنْهُ، بِخِلَافِ الْمَكَانِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ أَكْمَلُ، فَإِنَّ مَكَانَ الْإِحْرَامِ يَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ، وَزَمَانَهُ لَا يَتَعَيَّنُ. حَتَّى لَوْ نَذَرَ الْإِحْرَامَ فِي شَوَّالٍ لَهُ تَأْخِيرُهُ. وَأَظُنُّ أَنَّ هَذَا الِاسْتِشْهَادَ لَا يَخْلُو مِنْ نِزَاعٍ.

قُلْتُ: وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْقَضَاءِ، أَنْ يَسْلُكَ الطَّرِيقَ الَّذِي سَلَكَهُ فِي الْأَدَاءِ بِلَا خِلَافٍ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ إِذَا سَلَكَ غَيْرَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قَدْرِ مَسَافَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْأَدَاءِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

لَوْ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مُحْرِمَةً أَيْضًا، نُظِرَ إِنْ جَامَعَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً، لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهَا. وَإِنْ كَانَتْ طَائِعَةً عَالِمَةً فَسَدَ. وَحِينَئِذٍ، هَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ؟ أَمْ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ فَقَطْ بَدَنَةٌ عَنْ نَفْسِهِ؟ أَمْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ عَنْهُ وَعَنْهَا؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، كَالصَّوْمِ. وَقَطَعَ قَاطِعُونَ بِإِلْزَامِهَا الْبَدَنَةَ. وَإِذَا خَرَجَتِ الزَّوْجَةُ لِلْقَضَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>