فَالْأَوَّلُ: لَا يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ بِالْإِحْرَامِ، وَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحْرِمِ بِقَتْلِهِ ثُمَّ مِنْ هَذَا الضَّرْبِ: مَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهُ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ الْمُؤْذِيَاتُ، كَالْحَيَّةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْغُرَابِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالذِّئْبِ، وَالْأَسَدِ، وَالنَّمِرِ، وَالدُّبِّ، وَالنَّسْرِ، وَالْعُقَابِ، وَالْبُرْغُوثِ، وَالْبَقِّ، وَالزُّنْبُورِ. وَلَوْ ظَهَرَ الْقَمْلُ عَلَى بَدَنِ الْمُحْرِمِ أَوْ ثِيَابِهِ، لَمْ يُكْرَهْ تَنْحِيَتُهُ. وَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَفْلِيَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ. فَإِنْ فَعَلَ فَأَخْرَجَ مِنْهُمَا قَمْلَةً وَقَتَلَهَا، تَصَدَّقَ وَلَوْ بِلُقْمَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هَذَا التَّصَدُّقُ مُسْتَحَبٌّ. وَقِيلَ: وَاجِبٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنِ الرَّأْسِ.
قُلْتُ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى: وَلِلصِّئْبَانِ حُكْمُ الْقَمْلِ، وَهُوَ بَيْضُ الْقَمْلِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَمِنْهُ: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَضَرَّةٌ، كَالْفَهْدِ، وَالصَّقْرِ، وَالْبَازِي، فَلَا يُسْتَحَبُّ قَتْلُهَا لِنَفْعِهَا وَلَا يُكْرَهُ لِضَرَرِهَا. وَمِنْهُ: مَا لَا يَظْهَرُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَلَا ضَرَرٌ، كَالْخَنَافِسِ وَالْجِعْلَانِ وَالسَّرَطَانِ، وَالرَّخَمِ وَالْكَلْبِ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ، فَيُكْرَهُ قَتْلُهَا. وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ النَّمْلِ، وَالنَّحْلِ، وَالْخُطَّافِ، وَالضُّفْدَعِ. وَفِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ الْهُدْهُدِ وَالصُّرَدِ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي جَوَازِ أَكْلِهِمَا.
قُلْتُ: قَوْلُهُ: إِنَّ الْكَلْبَ الَّذِي لَيْسَ بِعَقُورٍ يُكْرَهُ قَتْلُهُ، مُرَادُهُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ. وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ. وَالْمُرَادُ: الْكَلْبُ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مُبَاحَةٌ. فَأَمَّا مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِلَا شَكٍّ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَغَيْرُهُ. وَالْأَمْرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ مَنْسُوخٌ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
الضَّرْبُ الثَّانِي: مَا أَحَدُ أَصْلَيْهِ مَأْكُولٌ كَالْمُتَوَلَّدِ بَيْنَ الذِّئْبِ وَالضَّبُعِ، وَبَيْنَ حِمَارَيِ الْوَحْشِ وَالْإِنْسِ، فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لَهُ، وَيَجِبُ الْجَزَاءُ فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute