وَوَقَعَ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْأَصْحَابِ: فِي الظَّبْيِ كَبْشٌ. وَفِي الْغَزَالِ عَنْزٌ. وَكَذَا قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْكَرْخِيِّ، وَزَعَمَ أَنَّ الظَّبْيَ: ذَكَرُ الْغِزْلَانِ، وَأَنَّ الْأُنْثَى غَزَالٌ. قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا وَهْمٌ، بَلِ الصَّحِيحُ: أَنَّ فِي الظَّبْيِ عَنْزًا، وَهُوَ شَدِيدُ الشَّبَهِ بِهَا، فَإِنَّهُ أَجْرَدُ الشَّعْرِ، مُتَقَلِّصُ الذَّنَبِ.
وَأَمَّا الْغَزَالُ، فَوَلَدُ الظَّبْيِ، فَيَجِبُ فِيهِ مَا يَجِبُ فِي الصِّغَارِ.
قُلْتُ: قَوْلُ الْإِمَامِ هُوَ الصَّوَابُ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْغَزَالُ وَلَدُ الظَّبْيَةِ إِلَى حِينِ يَقْوَى وَيَطْلُعُ قَرْنَاهُ، ثُمَّ هِيَ ظَبْيَةٌ، وَالذَّكَرُ: ظَبْيٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
هَذَا بَيَانُ مَا فِيهِ حُكْمٌ. أَمَّا مَا لَا نَقْلَ فِيهِ عَنِ السَّلَفِ، فَيَرْجِعُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ فَطِنَيْنِ. وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَاتِلُ الصَّيْدِ أَحَدَ الْحَكَمَيْنِ، أَوْ يَكُونُ قَاتِلَاهُ الْحَكَمَيْنِ؟ نُظِرَ، إِنْ كَانَ الْقَتْلُ عُدْوَانًا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَفْسُقُ. وَإِنْ كَانَ خَطَأً، أَوْ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ أَنَّ لَهُ مِثْلًا، وَعَدْلَانِ أَنْ لَا مِثْلَ لَهُ، فَهُوَ مِثْلِيٌّ.
قُلْتُ: وَلَوْ حَكَمَ عَدْلَانِ بِمِثْلٍ، وَعَدْلَانِ بِمِثْلٍ آخَرَ، فَوَجْهَانِ فِي «الْحَاوِي» وَ «الْبَحْرِ» . أَصَحُّهُمَا: يَتَخَيَّرُ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِأَعْظَمِهِمَا، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمُفْتِيَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الطُّيُورُ فَحَمَامٌ وَغَيْرُهُ. فَالْحَمَامَةُ فِيهَا شَاةٌ وَغَيْرُهَا إِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا جُثَّةً، كَالزُّرْزُورِ، وَالصَّعْوَةِ، وَالْبُلْبُلِ، وَالْقُبَّرَةِ، وَالْوَطْوَاطِ فَفِيهِ الْقِيمَةُ. وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنَ الْحَمَامِ أَوْ مِثْلَهُ فَقَوْلَانِ: الْجَدِيدُ، وَأَحَدُ قَوْلَيِ الْقَدِيمِ: الْوَاجِبُ الْقِيمَةِ. وَالثَّانِي: شَاةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْحَمَامِ: كُلُّ مَا عَبَّ فِي الْمَاءِ، وَهُوَ أَنْ يَشْرَبَهُ جَرْعًا، وَغَيْرُ الْحَمَامِ يَشْرَبُ قَطْرَةً قَطْرَةً. وَكَذَا نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَلَا حَاجَةَ فِي وَصْفِ الْحَمَامِ، إِلَى ذِكْرِ الْهَدِيرِ مَعَ الْعَبِّ؛ فَإِنَّهُمَا مُتَلَازِمَانِ. وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْعَبِّ، وَيَدْخُلُ فِي اسْمِ الْحَمَامِ الْيَمَامُ الَّتِي تَأْلَفُ الْبُيُوتَ، وَالْقُمْرِيُّ، وَالْفَاخِتَةُ، وَالدُّبْسِيُّ، وَالْقَطَاةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute