للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَ عُشْرِ الْمِثْلِ، وَبَيْنَ إِخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ. وَالرَّابِعُ: إِنْ وَجَدَ شَرِيكًا فِي الدَّمِ، أَخْرَجَهُ وَلَمْ تُجْزِئْهُ الدَّرَاهِمُ، وَإِلَّا، أَجْزَأَتْهُ. هَذَا فِي الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ. وَأَمَّا غَيْرُ الْمِثْلِيِّ، فَالْوَاجِبُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ قَطْعًا.

قُلْتُ: لَوْ قَتَلَ نَعَامَةً فَأَرَادَ أَنْ يَعْدِلَ عَنِ الْبَدَنَةِ إِلَى بَقَرَةٍ، أَوْ سَبْعِ شِيَاهٍ، لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ فِي «الْبَحْرِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَرْعٌ

لَوْ جَرَحَ صَيْدًا، فَانْدَمَلَ جُرْحُهُ وَصَارَ زَمِنًا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ كَامِلٌ، كَمَا لَوْ أَزْمَنَ عَبْدًا، لَزِمَهُ كُلُّ قِيمَتِهِ. وَالثَّانِي: أَرْشُ النَّقْصِ. وَعَلَى هَذَا، يَجِبُ قِسْطٌ مِنَ الْمِثْلِ، أَوْ مِنْ قِيمَةِ الْمِثْلِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ. وَلَوْ جَاءَ مُحْرِمٌ آخَرُ، فَقَتَلَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، أَوْ قَبْلَهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ زَمِنًا، وَيَبْقَى الْجَزَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ بِحَالِهِ. وَقِيلَ: إِنْ أَوْجَبْنَا جَزَاءً كَامِلًا، عَادَ هُنَا إِلَى قَدْرِ النَّقْصِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ إِيجَابُ جَزَاءَيْنِ لِمُتْلِفٍ وَاحِدٍ. وَلَوْ عَادَ الْمُزْمِنُ فَقَتَلَهُ، نُظِرَ، إِنْ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ، لَزِمَهُ جَزَاءٌ وَاحِدٌ. كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْ رَجُلٍ ثُمَّ قَتَلَهُ، فَعَلَيْهِ دِيَةٌ.

وَفِي وَجْهٍ: أَنَّ أَرْشَ الطَّرَفِ يَنْفَرِدُ عَنْ دِيَةِ النَّفْسِ، فَيَجِيءُ مِثْلُهُ هُنَا. وَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ، أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ بِحُكْمِهِ. فَفِي الْقَتْلِ جَزَاؤُهُ زَمِنًا، وَفِيمَا يَجِبُ بِالْإِزْمَانِ، الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَإِذَا أَوْجَبْنَا بِالْإِزْمَانِ جَزَاءً كَامِلًا، وَكَانَ لِلصَّيْدِ امْتِنَاعَانِ، كَالنَّعَامَةِ، تَمْتَنِعُ بِالْعَدْوِ وَبِالْجَنَاحِ، فَأُبْطِلُ أَحَدُ امْتِنَاعَيْهِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَتَعَدَّدُ الْجَزَاءُ، لِتَعَدُّدِ الِامْتِنَاعِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَا، لِاتِّحَادِ الْمُمْتَنِعِ. وَعَلَى هَذَا، فَمَا الْوَاجِبُ؟

قَالَ الْإِمَامُ: الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ، أَنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا نَقَصَ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ النَّعَامَةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدٌ، إِلَّا أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالرِّجْلِ وَالْجَنَاحِ، فَالزَّائِلُ، بَعْضُ الِامْتِنَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>