أَظْهَرُهُمَا: لَا، بَلْ يَجِبُ تَأْخِيرُهُ إِلَى سُنَّةِ الْقَضَاءِ. وَالثَّانِي، نَعَمْ، كَدِمَاءِ الْإِفْسَادِ. فَعَلَى هَذَا، وَقْتُ الْوُجُوبِ سُنَّةُ الْفَوَاتِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ، فَفِي وَقْتِ الْوُجُوبِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: وَقَتُهُ إِذَا أَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ، كَمَا يَجِبُ دَمُ التَّمَتُّعِ بِالْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ. وَلِهَذَا نَقُولُ: لَوْ ذَبَحَ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ مِنَ الْفَائِتِ، لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا لَوْ ذَبَحَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنَ الْعُمْرَةِ، هَذَا إِذَا كَفَّرَ بِالدَّمِ، أَمَّا إِذَا كَفَّرَ بِالصَّوْمِ، فَإِنْ قُلْنَا: وَقْتُ الْوُجُوبِ أَنْ يَحْرُمَ بِالْقَضَاءِ، لَمْ يُقَدَّمْ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْقَضَاءِ، وَيَصُومُ السَّبْعَةَ إِذَا رَجَعَ، وَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ بِالْفَوَاتِ، فَفِي جَوَازِ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ فِي حَجَّةِ الْفَوَاتِ وَجْهَانِ: وَوَجْهُ الْمَنْعِ: أَنَّهُ إِحْرَامٌ نَاقِصٌ.
وَأَمَّا الْمَكَانُ، فَالدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ عَلَى الْمُحْرِمِ ضَرْبَانِ. وَاجِبٌ عَلَى الْمُحْصَرِ بِالْإِحْصَارِ، أَوْ بِفِعْلٍ مَحْظُورٍ. وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْإِحْصَارِ. وَوَاجِبٌ عَلَى غَيْرِهِ، فَيَخْتَصُّ بِالْحَرَمِ، وَيَجِبُ تَفْرِيقُ لَحْمِهِ عَلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ، سَوَاءٌ الْغُرَبَاءُ الطَّارِئُونَ وَالْمُسْتَوْطِنُونَ، لَكِنَّ الصَّرْفَ إِلَى الْمُسْتَوْطِنِينَ أَفْضَلُ. وَهَلْ يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ بِالْحَرَمِ؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. فَلَوْ ذَبَحَ فِي طَرَفِ الْحِلِّ، لَمْ يُجْزِهِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ ذَبْحُهُ خَارِجَ الْحَرَمِ، بِشَرْطِ أَنْ يُنْقَلَ وَيُفَرَّقَ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ تَغَيُّرِ اللَّحْمِ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ دَمُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ، وَسَائِرُ مَا يَجِبُ بِسَبَبٍ فِي الْحِلِّ أَوِ الْحَرَمِ، أَوْ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، كَالْحَلْقِ لِلْأَدْنَى، أَوْ بِسَبَبٍ مُحَرَّمٍ. وَفِي الْقَدِيمِ قَوْلَانِ. مَا أُنْشِئَ بِسَبَبِهِ فِي الْحِلِّ، يَجُوزُ ذَبْحُهُ وَتَفْرِقَتُهُ فِي الْحِلِّ، كَدَمِ الْإِحْصَارِ. وَفِي وَجْهٍ: مَا وَجَبَ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ، لَا يَخْتَصُّ ذَبْحُهُ وَتَفْرِقَتُهُ بِالْحَرَمِ. وَوَجْهٍ: أَنَّهُ لَوْ حَلَقَ قَبْلَ وُصُولِهِ الْحَرَمَ وَذَبَحَ وَفَرَّقَ حَيْثُ حَلَقَ، جَازَ. وَكُلُّ هَذَا شَاذٌّ ضَعِيفٌ. وَأَفْضَلُ الْحَرَمِ لِلذَّبْحِ فِي حَقِّ الْحَاجِّ، مِنَى. وَفِي حَقِّ الْمُعْتَمِرِ، الْمَرْوَةُ، لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ تَحَلُّلِهِمَا. وَكَذَا حُكْمُ مَا يَسُوقَانِهِ مِنَ الْهَدْيِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute