للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقطرتين من باب العفو عن يسير النجاسة (١)، والله أعلم.

- وعلى فرض التسليم بوجود الخلاف، فإن هذا الخلاف حادث والإجماع سابق له؛ إذ هو إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- ولاعبرة بالخلاف بعدهم، قال الماوردي: (وهو إجماع الصحابة -رضي الله عنهم- (٢)، ولايعرف عن الصحابة قول صحيح ولاضعيف بطهارة الخمر، بل المنقول عنهم خلاف ذلك (٣)، وهذا هو الأقوى.

- فإن امتنع ذلك فهو إجماع من بعدهم (٤)، من القرن الرابع إلى القرن الثاني عشر، فقد أطبق الأئمة الأربعة وأتباعهم وغيرهم على القول بنجاسة الخمر.


(١) انظر: التمهيد (١/ ٢٤٥).
(٢) الحاوي الكبير (٢/ ٢٦٠)، ونص أيضاً بعد ذلك بأن هذا إجماع الصحابة والتابعين. وانظر: تحفة المحتاج (١/ ٢٨٨).
(٣) فقد ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه قيل له: إن النساء يمتشطن بالخمر، فقال ابن عمر: (ألقى الله في رءوسهن الحاصَّة) أخرجه عبدالرزاق (١٧٠٩٤)، وابن أبي شيبة (٢٤٠٧٤) والحاصة: هي العلة التي تحص الشعر وتذهبه. لسان العرب (٧/ ١٣)، وروي عن حذيفة أنه قال: (لاطيبهن الله) وروي عن عائشة أنها نهت عن ذلك أشد النهي. أخرجهما عبدالرزاق وابن أبي شيبة. وورد ماهو أصرح من ذلك عن عمر -رضي الله عنه- أنه قد بلغه أن خالداً دخل الحمام فتدلك بعد النورة بثخين عصفر معجون بخمر، فكتب إليه: (بلغني أنك تدلكت بخمر، وإن اللَّه قد حرم ظاهر الخمر وباطنه، كما حرم ظاهر الإثم وباطنه، وقد حرم مس الخمر إلا أن تغسل كما حرم شربها، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجس، وإن فعلتم فلا تعودوا). فكتب إليه خالد: إنا قتلناها فعادت غسولا غير خمر. وهذا الأثر رواه الطبري في تاريخه (٤/ ٦٦) وابن عساكر في تاريخ دمشق (١٦/ ٢٦٤) من طريق السَّرِيّ بن يحيى، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر، عن أبي عثمان والربيع وأبي حارثة به، ولايصح، لكن ضعفه ليس بشديد؛ فإن شعيب بن إبراهيم فيه جهالة، كما قال الذهبي في ميزان الاعتدال (٢/ ٢٧٥)، وسيف بن عمر: ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ، كما قال ابن حجر في تقريب التهذيب ص (٢٦٢)، والله أعلم.
(٤) انظر: حاشيتي قلويبي وعميرة على شرح السيوطي للمنهاج (١/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>