للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستخباث الشرع لها، ولعن عشرة فيها، مما لم يرد مثله ولا قريباً منه في البول، بل ولا الغائط، يكفي في الدلالة على نجاسة الخمر.

- قال القرطبي: (ثم لو التزمنا ألا نحكم بحكمٍ إلا حتى نجد فيه نصّاً لتعطلت الشريعة، فإن النصوص فيها قليلة، فأي نص يوجد على تنجيس البول والعذرة والدم والميتة وغير ذلك؟! وإنما هي الظواهر والعمومات والأقيسة) (١).

- أما قولهم: (لايلزم من التحريم النجاسة، ويلزم من النجاسة التحريم) (٢) فالجواب عنه: أن هذا الاعتراض إنما يستقيم لوكان العلماء المعترض عليهم يذكرونه في سياق الاستدلال، وهم إنما يذكرونه في سياق التعريف والحد أصالة (٣)، على أنه لايسلم


(١) تفسير القرطبي (٦/ ٢٨٩).
(٢) ذكرها القرطبي وأجاب عنها، وأشار إليها الصنعاني، ثم قررها الشوكاني وابن عثيمين للرد على من يقول بنجاسة الخمر، وأنه لايلزم من التحريم النجاسة. انظر: تفسير القرطبي (٦/ ٢٨٩)، سبل السلام (٢/ ٤)، السيل الجرار ص (٢٦)، الشرح الممتع (١/ ٤٣١).
(٣) وهذا رأيته عند الشافعية والحنابلة فقط، وإن كان بعضهم يضبطه بالعد لا بالحد وهو أضبط، لكن قال الشربيني الشافعي في تعريف النجاسة: (عرفها بعضهم: بكل عين حَرُمَ تَنَاولُها مطلقاً في حالة الاختيار مع سهولة تمييزها وإمكان تناولها، لا لحرمتها ولا لاستقذارها، ولا لضررها في بدن أو عقل) مغني المحتاج (١/ ٢٢٥)، وعرفها بعض الحنابلة بأنها (كل عين حرم تناولها لذاتها مع إمكان التناول). فأخرج ما لا يمكن تناوله لتعذره؛ وأخرج مالايمكن تناوله لالذاته بل لحرمته كصيد الحرم والإحرام، ووأخرج مالايمكن تناوله لاستقذاره كالبصاق والمخاط، وأخرج مالايمكن تناوله لضرره كالسميات والبنج. انظر: مطالب أولي النهى (١/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>