للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتعريفهم بل كما قال ابن تيمية: (ضبط قانون كلي في الطاهر والنجس مطرد منعكس لم يتيسر، وليس ذلك بالواجب علينا بعد علمنا بالأنواع الطاهرة والأنواع النجسة) (١).

- ومع ذلك فإن التحريم الذي يذكرونه ليس مطلقاً، وإلا لقيل: بنجاسة الأم؛ لأن الله قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (٢) ولا قائل بذلك، فليس مرادهم التحريم المطلق، بل مرادهم تحريم التناول (أي: الأكل) مع إمكانه، لا لحرمته كصيد المحرم، ولا لاستقذاره كالبصاق، ولا لضرره كالسم (٣)، فهذه هي النجاسة عندهم، ومع هذه القيود فلايستقيم الإلزام بجزء الكلام، وتركُ قيوده المؤثرة.

٢/ ومن أدلتهم أيضاً على طهارة الخمر: مارواه مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنه-: أن رجلاً أهدى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- راوية خمر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هل علمْتَ أن الله قد حرمها؟» قال: لا، فسارّ إنساناً، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «بِمَ سارَرْته؟»، فقال: أمرتُه ببيعها، فقال: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها»، قال: ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها (٤).

وكذلك سفك المسلمين لها وإراقتها بعد تحريمها ولم يؤمروا بغسل أوانيهم بعدها، قال ابن عثيمين: (ولو كانت نجسة لأُمروا بِغَسْلها، كما أُمروا بِغَسْل الأواني من لحوم الحُمُر الأهليَّة حين حُرِّمت في غزوة خيبر) (٥).


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ٥٨٧).
(٢) من الآية (٢٣) من سورة النساء.
(٣) انظر: المطلع على ألفاظ المقنع ص (١٨).
(٤) أخرجه مسلم (١٥٧٨).
(٥) الشرح الممتع (١/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>