للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونوقش هذا الاستدلال، بأمور:

- بعدم التسليم فإنه ورد الأمر بغسل أواني الخمر وهو أصرح من عدم الأمر؛ كما في حديث أبي ثعلبةَ الخُشَنيِّ -رضي الله عنه- المُخرَّجِ في الصحيحين قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله، إنا بأرض أهل الكتاب، فنأكل في آنيتهم … ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أمَّا ما ذكرتَ أنك بأرضِ أهلِ كتاب، فلا تأكلوا في آنيتهم إلا ألّا تجدوا بُدًّا، فإن لم تجدوا بُدًّا فاغسلوها وكلوا … الحديث» (١)، وقد أتى الأمر بعد الالتباس والسؤال، ولو لم يستشكلوا فإن الأمر غير وارد؛ لأنهم سيغسلون الآنية بعد استعمالها بداهة.

- وقد جاء عند أحمد وأبي داود زيادةٌ مُفسِّرة: (إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزيرَ ويشربون في آنيتهم الخمر) (٢)، قال البيهقي: (وفي هذا دلالة على أن الأمر بالغسل، إنما وقع عند العلم بنجاستها) (٣)، وهذه الزيادة وإن كان قد أعرض عنها الشيخان وهذا مظنة إعلال، إلا أنه يجب المصير إليها عندَ


(١) أخرجه البخاري (٥٤٩٦)، ومسلم (١٩٣٠) وهذا لفظ البخاري، وقوله: «إلا أن لا تجدوا بُدًّا» يوضحه الرواية الأخرى وهي في الصحيحين أيضاً: «إن وجدتم غير آنيتهم، فلا تأكلوا فيها».
(٢) أخرجه أحمد (١٧٧٣٧) من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة [عبدالله بن زيد الجرمي، وهو ثقةٌ كثير الإرسال كما ذكر ابنُ حجر]، عن أبي ثعلبة به، و أخرجه أبو داود (٣٨٣٩) قال: حدثنا نصر بن عاصم، حدثنا محمد بن شعيب، أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زبر، عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم، عن أبي ثعلبة به، ولاتخلو هذه الزيادة من ضعف؛ فإسناد أحمد فيه انقطاع، قال الترمذي: (وأبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة، إنما رواه عن أبي أسماء [الرحبي وهو ثقة]، عن أبي ثعلبة)، وإسناد أبي داود فيه ضعف، فنصرُ بنُ عاصم الأنطاكي لين الحديث كما قال ابن حجر في التقريب ص (٥٦٠)، وهذه العبارة لاتفيد ضعفاً شديداً، ولذا ذكره ابن حبان في الثقات (٩/ ٢١٧).
(٣) السنن الكبرى (١٠/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>