للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلِّ منْ لايرى نجاسة بدن الكافر وهم الجمهور (١)، وإلا كان معارضاً لنصوص جواز استعمال آنية المشركين، قال النووي: (المراد النهي عن الأكل في آنيتهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير ويشربون الخمر، كما صرح به في رواية أبي داود، وإنما نهى عن الأكل فيها بعد الغسل للاستقذار وكونها معتادة للنجاسة) (٢) قال ابن حجر: (والأمر باجتنابها عند وجود غيرها للمبالغة في التنفير عنها) (٣).

- يوضح ذلك أن الحُمر الأهلية إنما أمرهم بغسل أوانيها بعد سؤالهم، واستشكالهم، كما في حديث سلمةَ بنِ الأَكْوعِ في الصحيحين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى نيراناً توقد يوم خيبر، قال: «على ما توقد هذه النيران؟»، قالوا على الحمر الإنسية، قال: «اكسروها، وأهرقوها»، قالوا: ألا نهريقها، ونغسلها؟ قال: «اغسلوا» (٤)، ولم يؤمروا في غير هذا الحديث بغسلها، بل أُمروا بإكفاء القدور كما في حديث ابن أبي أوفى (٥)، وورد أيضاً أنهم امتثلوا هم بإكفائها دون أمْر، لما علموا تحريمها، كما في حديث


(١) وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} فليس المراد نجاسة البدن، قال النووي: (فليس المراد نجاسة الأعيان والأبدان، بل نجاسة المعنى والاعتقاد؛ ولهذا ربط النبي -صلى الله عليه وسلم- الأسير الكافر في المسجد، وقد أباح الله تعالى طعام أهل الكتاب) المجموع (٢/ ٥٦٢)، قال ابن كثير: (الجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات؛ لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب، وذهب بعض الظاهرية إلى نجاسة أبدانهم) تفسير ابن كثير (٤/ ١٣١)، قال ابن الجوزي: (لما كان علينا اجتنابهم كما تجتنب الأنجاسُ، صاروا بحكم الاجتناب كالأنجاس، وهذا قول الأكثرين، وهو الصحيح) زاد المسير (٢/ ٢٨٤).
(٢) شرح النووي على مسلم (١٣/ ٨٠).
(٣) فتح الباري (٩/ ٦٠٦).
(٤) أخرجه البخاري (٢٤٧٧)، ومسلم (١٨٠٢) وهذا لفظ البخاري.
(٥) أخرجه البخاري (٣١٥٥)، ومسلم (١٩٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>