للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس (١)، فما يُورَدُ على عدم الأمر بغسل آنية الخمر يُورَدُ هنا.

- وعلى فرض التسليم بأنهم لم يؤمروا بغسل أواني الخمر؛ فإن ذلك للعلم به بداهة حتى في الطاهرات، كاللبن إذا وضع في إناء فإنه يُغسل بعد شربه إذا أردنا شرب شيء آخر فيه، ثم إنه يلزم من استدلالهم = جوازُ شرب الماءِ في الإناء الذي شُرب به خمر ولو لم يُغسل، وهذا باطل قطعاً (٢).

٣/ ومن أدلتهم أيضاً على طهارة الخمر: حديث أنس -رضي الله عنه-: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر منادياً ينادي: ألا إنَّ الخمر قد حرمت»، قال: فقال لي أبو طلحة: اخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في سكك المدينة (٣).

وجه الاستدلال:

كماقال القرطبي: (استدل سعيد بن الحداد القروي (٤) على طهارتها بسفكها في طرق المدينة، قال: ولو كانت نجسة لما فعل ذلك الصحابة -رضي الله عنه-، ولنهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنه كما نهى عن التخلي في الطرق) (٥)، قال ابن عثيمين: (وطُرقات المسلمين لا يجوز أن


(١) أخرجه البخاري (٢٩٩١)، ومسلم (١٩٤٠).
(٢) انظر: شرح كتاب الطهارة من زاد المستقنع للشنقيطي ص (٣٥٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٦٤)، ومسلم (١٩٨٠).
(٤) سعيد بن محمد بن صبيح بن الحداد المغرب، شيخ المالكية، صاحب سحنون، قال الذهبي في السير: (وهو أحد المجتهدين، وكان بحرا في الفروع، ورأسا في لسان العرب، بصيراً بالسنن، وكان يذم التقليد، ويقول: هو من نقص العقول، أو دناءة الهمم … وكان من رؤوس السنة)، مات سنة (٣٠٢) هـ. انظر: سير أعلام النبلاء (١٤/ ٢٠٥).
(٥) تفسير القرطبي (٦/ ٢٨٨)، وسعيد بن الحداد (ت ٣٠٢) هو أول من استدل بذلك فيما وقفت عليه، ولم أذكره في نسبة الأقوال؛ لأني لم أرَ أحداً نسبه إليه، حتى القرطبي في نسبة الأقوال لم ينسبه إليه، وهذا محتمل؛ لأنه لايلزم من الاستدلال التزام القول؛ لأنه قد يستدل ثم يجيب، أو لعله من بعض هؤلاء الذين عناهم القرطبي بقوله: (وبعض المتأخرين من البغداديين والقرويين فرأوا أنها طاهرة). تفسير القرطبي (٦/ ٢٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>