للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكون مكاناً لإِراقة النَّجاسة) (١).

ونوقش هذا الاستدلال بأمور (٢):

- أما قياسها على التخلي في الطريق؛ فقياس مع الفارق؛ لأن التخلي لو لم يُنه عنه لاستمر الناس في فعله وتكرر، أما إراقة الخمر فهو مرة واحدة يوم حُرّم، والتخلي في الطرق فيه من خوارم المروءة، وتكشف العورات، والأذية بالنجس والريح ماليس في الخمر.

- ثم إنه لايلزم من إراقتها أن تكون مؤذية، فإن طرق المدينة كانت واسعة، ولم تكن الخمر من الكثرة بحيث تصير نهراً يعم الطريق كلها، بل إنما جرت في مواضع يسيرة يمكن التحرز عنها.

- يُضاف إلى ذلك أن الإراقة يحتمل أنها لم تكن في أي سكة، بل في السكك التي لها منفذ وانحدار إلى وادٍ بعيدٍ عن طرق الناس، ويؤيد ذلك ماورد في حديث جابر بسند جيد (٣) في قصة صب الخمر قال: (فانصبت حتى استنقعت في بطن الوادي) (٤).

- ولو سلمنا بهذا الاستدلال، فيمكن حمل فعل الصحابة -رضي الله عنهم- على الضرورة؛ لأنه لم يكن لهم سروب ولا آبار يريقونها فيه، إذ


(١) الشرح الممتع (١/ ٤٢٩).
(٢) انظر: تفسير القرطبي (٦/ ٢٨٨)، فتح الباري (٥/ ١١٢) فتح الباري (١٠/ ٣٩)، مجلة البحوث الإسلامية (٣٨/ ٨١).
(٣) قاله ابن حجر في فتح الباري (١٠/ ٣٩).
(٤) أخرجه ابن زنجويه في الأموال (٤٢٨) من حديث جابر.

<<  <  ج: ص:  >  >>