للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغالب من أحوالهم أنهم لم يكن لهم كنف في بيوتهم، ونقلها إلى خارج المدينة فيه كلفة ومشقة، ويلزم منه تأخير ما وجب على الفور.

- ثم إن مفسدة إراقتها يسيرة محتملة لمصلحة راجحة، من إشاعة لتحريمها، وإخراج لها من نفوس قد تعلقت بها وألفتها، قال المهلب: (إنما صبت الخمر في الطريق للإعلان برفضها وليشهر تركها، وذلك أرجح في المصلحة من التأذي بصبها في الطريق) (١).

- و الخمر بعد إراقتها لاتمكث بل تختلط بالتربة، وتضربها الريح، وتشربها الأرض، وتُيَبِّسها الشمس، فتستحيل ولاتؤثر فيمن وطئها؛ كما (كانت الكلاب تبول، وتقبل وتدبر في المسجد، في زمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك) (٢).

- وعلى فرض أنها تبقى و لا يشق الاحتراز منها ثم وطئها المار عليها، فإنه ماوطئه يطهره ما بعده، كما في ذيل المرأة يطهره مابعده، والنعل يطهرها التراب، والطريق القذرة يطهر ماعلق منها الطريق الطيبة بعدها.

- وبعد هذه الاحتمالات التي تُضعف الاستدلال، فهنا احتمال ضعيف أيضاً، وهو ماذكره ابن التّين: (هذا الذي في الحديث


(١) فتح الباري (٥/ ١١٢).
(٢) أخرجه البخاري (١٧٤) من حديث ابن عمر، وقد بوب عليه أبوداود: (باب في طهور الأرض إذا يبست)، قال ابن تيمية في الفتاوى (٢١/ ٣٢٢): (ثبت بسنته أن الأرض تطهر بما يصيبها من الشمس والريح والاستحالة) ثم استدل بحديث ابن عمر وغيره، قال ابن القيم: (وهذا كقول أبي حنيفة: إن الأرض النجسة يطهرها الريح والشمس … وحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- كالنص في ذلك، وهو قوله: كانت الكلاب … ) إغاثة اللهفان (١/ ١٥٥)، وقد تأول بعضهم الحديث بأنها كانت تبول خارج المسجد، وقوله: (فلم يكونوا يرشون) يرده.

<<  <  ج: ص:  >  >>