- بأن حكاية الإجماع بلزوم الدم أو الفدية على من ترك واجباً أو فعل محظوراً، لا تسلّم؛ وذلك من وجوه:
١. أن إمام المناسك عطاء بن أبي رباح جاء عنه عدم لزوم الدم فيمن ترك بعض الواجبات؛ كمن تجاوز الميقات بغير إحرام؛ فإنه عنده آثم ولادم عليه، ووافقه النخعي، والنخعي لا يرى الفدية فيمن قص أظفاره ولو متعمداً وهو وجهٌ للحنابلة.
٢. … أن الأئمة الأربعة يرون تحريم بعض الأفعال وحظرها، ولا يرون فيها شيئاً؛ فمالكٌ يرى أن قصّ ظفر واحد محظور، ولا تلزم الفدية عنده إلا بقص الاثنين فصاعداً، وأبوحنيفة يرى حظر قص الواحد، ولايرى الفدية حتى يقص أظفار رجلٍ أو يدٍ كاملة، وكذلك أحمد والشافعي: يحظرون قص الشعرة والظفر، ولا يوجبون الفدية إلا في الثلاث.
٣. أن بعض الأئمة يرون وجوب أعمالٍ، ولا يرون فدية في تركها: فعمر لم يأمر من ترك المبيت بمزدلفة بشيء كما عند سعيد في "سننه"، وأحمد في رواية: يرى وجوب المبيت بمنى، ولايرى الدم على تاركه، بل الإثم فقط، ورواية أخرى عنه: يرى فيها الدم عن ليلتين و ثلاث، ويرى وجوب المبيت بمزدلفة، ولم ير وجوب الدم للمعذور؛ فقد قال: "ليس عليه شيء إذا أخطأ الطريق أو كان