للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وجع أو غيره، أو يخشى أن يفوته الحج إن رجع فليهرق دماً ولا يرجع) (١)، يؤيدها قوله: (يهل من مكانه وعليه دم) (٢).

- أما الرواية الثانية فقد ذكرها ابن حزم مع إشارته إلى الرواية الأولى، فقال: (وعن عطاء قال مرة: عليه دم، ومرة قال: لا شيء عليه، روينا ذلك من طريق سعيد بن منصور نا سفيان -هو ابن عيينة - عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال: ليس على من تجاوز الميقات غير محرم شيء) (٣).

- والجمع بين الروايات ممكنٌ بحمل الثانية على من لم يرد النسك (٤)، والأولى على مريد النسك.

- فإن لم يمكن الجمع فلا شك أن الرواية الأولى بوجوب الدم أصح وأثبت؛ لأنها من رواية ابن جريج وهو من أثبت الناس في عطاء (٥)، وهو أعرف بفقه عطاء من غيره كما قال ابن المديني: (ماكان في الأرض أحد أعلم بعطاء من ابن جريج) (٦).


(١) أخرجه الشافعي في الأم (٢/ ١٥٢) قال: أخبرنا مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج أن عطاء قال، فذكره.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١٤١٨٩) وترجم له: (في الرجل إذا دخل مكة بغير إحرام ما يصنع)، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء به.
(٣) المحلى (٥/ ٥٧).
(٤) يقول د. عبدالله الفالح في بحثه"أثر ابن عباس (من ترك نسكاً أو نسيه؛ فعليه دم) " ص (١٩٣): (تقدم عن عطاء نفسه إيجاب الدم، فيحمل هذا على من مرّ بالميقات غير مريد للحج أو العمرة) انتهى، وقال د. عادل الزرقي في "منسك عطاء" ص (٤٣): (لعل الرواية الأولى فيمن لم يرد النسك، إلا أنه قد تقدم في الباب الخامس أمره بالإحرام لكل داخل للحرم).
(٥) قال الإمام أحمد: (أثبت الناس في عطاء عمرو بن دينار وابن جريج) كما في العلل لابنه عبدالله (٢/ ٤٩٥).
(٦) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٥/ ٣٥٧)، ولا يرد هنا عنعنة ابن جريج؛ لأن روايته عن عطاء فيها اختصاص ومحمولة على الاتصال، فقد قال عطاء فيما أخرجه ابن أبي خيثمة في تاريخه (١/ ٢٥٠): (إذا قلت: قال عطاء، فأنا سمعته منه، وإن لم أقل سمعت)، قال المعلمي كما في التنكيل (٢/ ٨٦٥): (هذا لأنه كان يرى أنه قد استوعب ماعند عطاء، فإذا سمع رجلاً يخبر عن عطاء بما لم يسمعه منه، رأى أنه كذب، فلم يستحل أن يحكيه عن عطاء) انتهى، ولافرق بين "قال عطاء" وبين "عن عطاء"، وفي الصحيحين من [عنعنته] عن عطاء أكثر من عشرين موضعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>