للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وقد قال محمد الأمين الشنقيطي: (أما اختلاف العلماء في لزوم الدم بترك جمرة، أو رمي يوم، أو حصاة، أو حصاتين إلى آخر ما تقدم: فهو من نوع الاختلاف في تحقيق المناط، فمالك مثلا القائل: بأن في الحصاة الواحدة دما يقول [الحصاة] الواحدة داخلة في أثر ابن عباس المذكور، فمناط لزوم الدم محقق فيها، لأنها شيء من نسكه فيتناولها قوله: "من نسي من نسكه شيئاً، أو تركه … إلخ"، لأن لفظة "شيئاً" نكرة في سياق الشرط، فهي صيغة عموم، والذين قالوا: لا يلزم في الحصاة، والحصاتين دم، قالوا: الحصاة، والحصاتان لا يصدق عليهما نسك، بل هما جزء من نسك، وكذلك الذين قالوا: لا يلزم في الجمرة الواحدة دم، قالوا: رمي اليوم الواحد نسك واحد فمن ترك جمرة في يوم لم يترك نسكاً، وإنما ترك بعض نسك، وكذلك الذين قالوا: لا يلزم إلا بترك الجميع قالوا: إن الجميع نسك واحد) (١).

- وأما قوله: (عمر لم يأمر من ترك المبيت بمزدلفة بشيء كما عند سعيد في "سننه") (٢)، فإنه لم يورده بإسناده ليحكم عليه بالثبوت من عدمه، ثم ينظر في دلالته، والظاهر أنه مما نقله ابن تيمية في شرح العمدة بقوله: (روى إبراهيم عن الأسود: "أن رجلاً قدم على عمر بن الخطاب وهو بجمع بعدما أفاض من عرفات، فقال: يا أمير المؤمنين، قدمت الآن، فقال: أما كنت وقفت بعرفات؟ قال: لا، قال: فأت عرفة وقف بها هنيهة، ثم أفض. فانطلق الرجل، وأصبح عمر بجمع، وجعل يقول: أجاء الرجل؟


(١) أضواء البيان (٤/ ٤٧٣).
(٢) صفة حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- ص (١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>