للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وبين الأعذار المذكورة في الاعتراض فرق خلاصته (أن ترك واجبات الحج وفعل محظوراته يوجب الفدية: إذا فعلت لعذر خاص يكون ببعض الناس بعض الأوقات.

- فأما ما رُخص فيه للحاجة العامة وهو ما يحتاج إليه في كل وقت غالباً فإنه لا فدية معه، ولهذا رخص للرعاة والسقاة في ترك المبيت بمنى من غير كفارة؛ لأنهم يحتاجون إلى ذلك كل عام، ورخص للحائض أن تنفر قبل الوداع من غير كفارة؛ لأن الحيض أمر معتاد غالب) (١).

- ولذلك فإن ابن عباس وتلميذه عطاء لم يوجبا الدم على من ترك المبيت بمنى لعذر، فقال ابن عباس: (لا بأس لمن كان له متاع بمكة أن يبيت بها ليالي منى) (٢)، وجاء نحوه عن عطاء (٣)، وهذا الوارد عنهما يبيّن تفريقهما بين المسائل كما يفرّق العلماء.

- وأما المزدلفة فقد سبق قول ابن تيمية: (الصواب أن وقت الوقوف لا يفوت إلى طلوع الشمس، فمن وافاها قبل ذلك فقد وقف بها)، وفتيا النبي -صلى الله عليه وسلم- لعروة (نص في [أن] مزدلفة تُدرك بعد طلوع الفجر كما تدرك قبل الفجر; لأن هذا السائل إنما وافاها بعد طلوع الفجر، وأخبره النبي -صلى الله عليه وسلم- بقضاء حجه، ولم يخبره أن عليه


(١) المرجع السابق (٢/ ٤١).
(٢) أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (٢/ ٦٤)، وسعيد بن منصور كما ذكر ابن حزم في المحلى (٥/ ١٩٥)، من طريق سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به وإسناده صحيح.
(٣) في مصنف ابن أبي شيبة (١٤٣٨٠) قال عطاء: (لا بأس أن يبيت الرجل بمكة ليالي منى، إذا كان في ضيعة). أي: حرفة أو تجارة، انظر: منسك عطاء ص (٢٠٨)، فقه عطاء في المناسك ص (٥٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>