للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وهذا الأثر ليس فيه تضحية وذبح حتى يُحتج به على جواز الأضحية بغير بهيمة الأنعام، فهو لم يدخل أصلاً حتى يُخرج، وهو محمول على إظهار عدم وجوب الأضحية كما في الأثر السابق عن بلال، قال الإمام الشافعي: (وقد بلغنا أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانا لا يضحيان كراهية أن يقتدى بهما ليظن من رآهما أنها واجبة، وعن ابن عباس أنه جلس مع أصحابه، ثم أرسل بدرهمين، فقال: اشتروا بهما لحماً، ثم قال: هذه أضحية ابن عباس، وقد كان قلّما يمر به يوم إلا نحر فيه أو ذبح بمكة (١)، وإنما أراد بذلك مثل الذي روي عن أبي بكر وعمر) (٢).

- وعلى ذلك حمله كثير من العلماء (٣)، و (فهموا أن صنيع ابن عباس من باب تقرير عدم وجوب الأضحية عملياً، خاصة أن التعبير النبوي عما لاتجزئ أضحية= هو وصفها بأنها «شاة لحم» كما في الصحيحين وغيرهما) (٤).

- وأما ماحُكي عن الحسن بن صالح (ت ١٦٩)، فإن الحكاية عنه


(١) هذا مشهور عن أخيه عبيدالله بن عباس كما أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٧/ ٤٨١): (أن عبيد الله بن العباس كان ينحر كل يوم جزوراً، فقال له عبد الله: تنحر كل يوم جزوراً، قال: وكثير ذاك يا أخي، والله لأنحرن كل يوم جزورين)، ولذلك قال ابن الأثير في أسد الغابة (٣/ ٥١٩): (وكان ينحر كل يَوْم جزورًا، فنهاه أخوه عَبْد اللَّه، فلم ينته)، إلا أنه جاء في "الحوادث والبدع" للطرطوشي ص (٤٣): (وقال طاوس: ما رأيت بيتاً أكثر لحماً وخبزاً من بيت ابن عباس؛ يذبح وينحر كل يوم، ثم لا يذبح يوم العيد، وإنما كان يفعل ذلك؛ لئلا يظن الناس أنها واجبة، وكان إماماً يُقتَدى به).
(٢) الأم (٢/ ٢٤٦).
(٣) انظر: مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٢٢٠)، شرح البخاري لابن بطال (٦/ ٦)، التمهيد (٢٣/ ١٩٤)، وغيرها.
(٤) "بحث مختصر في تقرير أن التضحية بغير بهيمة الأنعام لايثبت عن أحد من الصحابة" لأبي سليمان المحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>