للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن الجواب عن هذه المناقشة:

- أما تأويل (أل) في المشركين على أنها للعهد وأنها خاصة، مع أنه مخالف للأصل؛ فإن في قوله -عز وجل-: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (١)، ما يؤكد أن اللام للجنس، فجعل الغاية ألا تكون فتنة، وهي الشرك هنا في قول جمهور المفسرين، وأن يخلص الدين لله (٢)، وقوله: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (٣)، قال قتادة: (أمر بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) (٤).

- ويؤيدهما قول من أوتي جوامع الكلم -صلى الله عليه وسلم-: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» (٥)، وهو حديث متواتر (٦)، وفيه (جُعلت غاية المقاتلة وجود ما ذكر) (٧)، وليس كف القتال، فإنه (لم يقل: فإذا كفوا عنا أو اعتزلونا … فدل ذلك على أن المطلوب دخولهم في الإسلام وإلا فالسيف، إلا أهل الجزية) (٨)، وهي صريحة بالمراد.

- وأما جعل القتال في آية أهل الكتاب لعلة احتمال قتالهم للمسلمين


(١) من الآية (٣٩) من سورة الأنفال.
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (٤/ ٥٦).
(٣) من الآية (٣٦) من سورة التوبة.
(٤) تفسير الطبري (٢١/ ٨١).
(٥) متفق عليه، أخرجه البخاري (٢٩٤٦)، ومسلم (٢١) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، وجاء من حديث عمر وابن عمر وجابر وأنس -رضي الله عنهم- كلها في الصحيحين أو في أحدها، وجاء عن غيرهم خارج الصحيحين.
(٦) قاله السيوطي، انظر: الفتح الكبير (١/ ٢٤٢)، وقال الألباني في الصحيحة (١/ ٧٧٠): (والحديث صحيح متواتر عن أبي هريرة وغيره من طرق شتى بألفاظ متقاربة).
(٧) فتح الباري (١/ ٧٦).
(٨) مجموع فتاوى ابن باز (٣/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>