للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تركنا معهم السلاح، فهو تسليم بالمراد، مع فوات التسليم بالنص، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث بريدة -رضي الله عنه- في وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمرائه: « … وإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال - أو خلال - فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك، فاقبل منهم، وكف عنهم … فإن هم أبوا فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم … » (١)، (وهذا محمول على أهل الكتاب ومن في حكمهم كالمجوس عند جمهور أهل العلم جمعاً بين هذا الحديث وبين آية التوبة) (٢)، (أما غزو الكفار ومناجزة أهل الكفر وحملهم على الإسلام، أو تسليم الجزية، أو القتل فهو معلوم من الضرورة الدينية) (٣).

- وأما حمل آية السيف ونحوها على الآيات التي في المراحل قبلها؛ لأن المطلق يحمل على المقيد؛ فهذا خطأ هنا؛ لأنه نص ابن عباس على أن آية السيف ناسخة لما قبلها ولم يخالفه أحد من الصحابة ولا من التابعين، والنسخ ينبغي أن يفهم على اصطلاحهم الأعم، وعليه فلا يلزم منه رفع الحكم بالكلية.

- وعلى فرض جواز حمل المطلق على المقيد هنا، فإن الآية التي فيها تقييد قتال الكفار بمن قاتلنا، أُخذ المنع من البدء بالقتال فيها بمفهوم المخالفة، والمفهوم لايقوى على معارضة المنطوق، فالمفهوم (حجّة ما لم يعارضه دليل أقوى منه، وقد عارضه ما هو أقوى منه؛ كآية السّيف وغيرها مما يقتضي إطلاق قتل الكفار، قاتلوا أو لم يقاتلو) (٤).


(١) أخرجه مسلم (١٧٣١).
(٢) مجموع فتاوى ابن باز (٥/ ٤٠٩).
(٣) قاله الشوكاني في السيل الجرار ص (٩٤٥).
(٤) نواسخ القرآن لابن الجوزي ص (٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>