للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- وأما قيد: المفسدة الأعظم، فهي قاعدة أخف الضررين؛ ولا تختص بهذا الباب من المحرمات، وهي تدل على أن هذا الأمر محرم في الأصل وليس بجائز، فانعكس مراده وقد تحرّز من ذلك بزيادة "المصلحة" من عنده، وهذا نص خليل: (وللصلحي الإحداث، وبيع عرصتها، أو حائط، لا ببلد الإسلام إلا لمفسدة أعظم) (١).

- وعلى كل حال فالمالكية حتى في بلد الصلح لايجوزون بناء الكنائس، إلا إذا لم يكن معهم مسلمون، قال ابن رشد الجد: (وإنما يكون لأهل الصلح أن يحدثوا الكنائس في قراهم التي صالحوا عليها، وأن يَرُمُّوا كنائسهم القديمة، إذا كانوا منقطعين عن دار الإسلام وحريمه، ولم يسكن المسلمون معهم في موضعهم، وإن لم يشترطوه … وأما إذا كانت قراهم في بلاد الإسلام، فليس ذلك لهم، إلا أن يكون لهم أمر أعطوه، قاله مالك في المدونة، واختلف في أهل العنوة، فقال ابن القاسم: ليس ذلك لهم، وقال غيره: ذلك لهم، والقولان في الجعل والإجارة من المدونة) (٢)، وهذا تلخيص حسن.

المسألة الثانية: أدلة القائلين بجواز بناء الكنائس في بلاد المسلمين: استدل أصحاب هذا القول:

بـ (أن الإسلام يقر أهل الذمة على مذاهبهم، ومن لوازم هذا الإقرار السماح لهم بإنشاء معابدهم إلا إذا وجد مانع من ذلك) (٣)،


(١) مختصر خليل ص (٩٢).
(٢) البيان والتحصيل (٩/ ٣٤٠ - ٣٤١)، وقوله: (قال غيره)، قاله سحنون في المدونة (٣/ ٤٣٦)، ولم يبين من هم.
(٣) "أحكام الذميين والمستأمنين في دار الإسلام" ص (٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>