للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وليس من المعقول أن يقر الإسلام أهل الذمة، على دينهم ومعتقداتهم وشعائرهم، ثم ينهاهم عن إقامة معابدهم التي يتعبدون فيها) (١).

ويمكن مناقشة هذا الاستدلال (٢):

- بأن هذا اللازم لم يفهمه أهل الإجماع الذي انفضّ أهله، وهذا المعقول مصادم للمنقول عن عمر وابن عباس -رضي الله عنهم-.

- ثم إنه غير لازم وذلك أن الإقرار ينافي الإنشاء فليس من لوازمه، فالإقرار يتعلق بالماضي، والإنشاء يتعلق بالمستقبل.

- وطرد هذا اللازم يجعلهم يدعون إلى دينهم أيضاً ويظهرون شعائرهم، فلايكون فرق بين دار الكفر ودار الإسلام، فهم يُمنعون من إقامة عباداتهم في مجامع المسلمين، وإظهار الفطر في رمضان، والإعلان بشرب وأكل مايعتقدون حله، ولايمنعون من ذلك في بيوتهم.

- و (إحداث هذه الأمور إحداث شعار الكفر، وهو أغلظ من إحداث الخمارات والمواخير، فإن تلك شعار الكفر وهذه شعار الفسق، ولا يجوز للإمام أن يصالحهم في دار الإسلام على إحداث شعائر المعاصي والفسوق، فكيف إحداث موضع الكفر والشرك؟!) (٣).

المسألة الثالثة: حُكم نسبة هذا الرأي إلى الشذوذ:

بعد عرض هذا الرأي ودراسته، فالذي يظهر أن نسبة القول بجواز بناء الكنائس في بلاد المسلمين إلى الشذوذ صحيحة؛ لمخالفته للإجماع


(١) فقه الجهاد (٢/ ١٠٠٩).
(٢) أفادني في كثير من هذه المناقشة بعض الإخوة، جزاهم الله خيراً.
(٣) أحكام أهل الذمة (٣/ ١١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>