للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة واحدة من القطعيات؛ أما الظنيات فإن العلماء اتفقوا على أن إنكار حكم الإِجماع الظني غير مُوجب كفراً (١).

- وبعد: فإن الشوكاني - رحمه الله - وإن كان في ظاهر كلامه ومجموعه الذي سبق نقله ينكر حجية الإجماع مطلقاً، إلا أن له كلاماً مقيداً، يظهر فيه احتجاجه بإجماع الصحابة فقط (٢)، ومن أصرحها قوله في الإرشاد: (إجماع الصحابة حجة بلا خلاف) (٣)، وقوله في النيل: (لا حجة في أفعال الصحابة وأقوالهم إلا أن يصح إجماعهم على أمر) (٤)، مع أنه في المناسك لايبطل حج من تعمد الجماع و لوقبل التحلل، ولا يلزمه بفدية، والحجة فيه إجماع الصحابة، وسيأتي الإشارة لذلك في كتاب الحج.


(١) انظر: التحبير شرح التحرير (٤/ ١٦٨٢)، قال الطوفي: (مأخذ الخلاف في تكفير منكر حكم الإجماع هو أن الإجماع ظني أو قطعي؟ فمن قال: إنه ظني، قال: لا يكفر) شرح مختصر الروضة (٣/ ١٣٨).
(٢) وهذا القول نُسب لداود الظاهري، وابن حبان، وأحد قولي الإمام أحمد، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١١/ ٣٤١): (لكن المعلوم منه الإجماع هو ما كان عليه الصحابة، وأما ما بعد ذلك؛ فتعذر العلم به غالباً)، وقال في الواسطية ص (١٢٨): (والإجماع الذي ينضبط، هو: ما كان عليه السلف الصالح؛ إذ بعدهم كثر الاختلاف، وانتشرت الأمة). وانظر: البحر المحيط (٦/ ٤٣٨).
(٣) إرشاد الفحول (١/ ٢١٧)، وهو في ذلك متابع لما في البحر المحيط الذي نهل واغترف منه، لكنه خالفه في إجماع من بعد الصحابة؛ حيث قال في البحر: (وهكذا إجماع غيرهم من العلماء في سائر الأعصار خلافاً لداود الظاهري حيث قال: إجماع اللازم يختص بعصر الصحابة، فأما إجماع من بعدهم فليس بحجة)، ولم يذكر الشوكاني أن إجماع غير الصحابة كإجماعهم، بل ذكر قول داود في قصر الإجماع اللازم على الصحابة وما ينصر هذا القول.
(٤) نيل الأوطار (٥/ ٣١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>