للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ثم إن هذا التخصيص مخالف للتنصيص الخاص الدال على أن الذكر هو القرآن؛ كما قال الله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (١)، وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (٢)، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} (٣).

- ولعل الذكر في الشرع يطلق ويراد به القرآن كما في الآيات السابقة، وقد يراد به الأدعية والأذكار، وقد يراد به جميعها، وتحديد المراد يعرف من السياق والقرائن.

- أما تخصيص عموم «على كل أحيانه» بغير حالة الجنابة، بالأحاديث التي فيها المنع من قراءة الجنب للقرآن، فهذا ممتنع أيضاً؛ لضعف الأحاديث المخصصة، وقد سبق بيانها.

٢/ واستدلوا للإباحة بكتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل وفيه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (٤) … الحديث (٥).

وجه الاستدلال:

أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى الكفرة من الروم كتاباً فيه من القرآن ليقرأوه، والكافر يغلب عليه أن يكون جنباً،


(١) من الآية (٢٣) من سورة الزُّمَر، وقد ورد الذكر اسماً للقرآن في (٢٩) موضعاً فيه. انظر: أسماء القرآن للدهيشي ص (٨٣).
(٢) الآية (٩) من سورة الحِجر.
(٣) الآية (٤١) من سورة فُصِّلَت.
(٤) من الآية (٦٤) من سورة آل عمران.
(٥) متفق عليه، أخرجه البخاري (٧)، ومسلم (١٧٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>