للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يكن جنباً، فالمسلم الجنب أولى من الكافر بجواز قراءة القرآن.

ونوقش هذا الاستدلال بأمور:

- بأن الكتاب اشتمل على شيء غير الآية، فأشبه كتب التفسير أو الفقه التي فيها بعض الآيات؛ لو قرأها الجنب فإنه لايمنع منها؛ لأنه لم يقصد التلاوة.

- ثم إن كتابة الآية ونحوها للكفار جائزة؛ لمصلحة وضرورة التبليغ.

- وعلى فرض التسليم بالاستدلال، فإنما يُجوّز للجنب الآية ونحوها كما في الكتاب (١).

٣/ واستدلوا أيضاً: بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة - رضي الله عنها- حين حاضت وهي حاجّة: «افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (٢).

وجه الاستدلال: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يستثن إلا الطواف، والحاج يقرأ القرآن، ولم تمنع منه الحائض، فكذلك الجنب؛ لأن حدثه أخف (٣).

ونوقش هذا الاستدلال:

- بأن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «افعلي ما يفعل الحاج … » لا دلالة فيه؛ لأنه ليس


(١) كما هو رواية عن أحمد تجويز قراءة الآية ونحوها للجنب، وفي كتاب هرقل بعض آية، وهذا يجوز قراءته للجنب عند بعض الحنفية، وهو المذهب عن الحنابلة. انظر: رد المحتار (١/ ١٧٢)، الإنصاف (١/ ٢٤٣).
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري (٣٠٥)، ومسلم (١٢١١).
(٣) استدل بهما البخاري في باب: تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، ثم ذكر مايدل على قراءة الحائض والجنب للقرآن، وانظر في وجه الاستدلال بالحديثين: فتح الباري لابن حجر (١/ ٤٠٧ - ٤٠٨)، ووجه كون حدث الحيض أشد من حدث الجنب: أنه يمنع ما يمنع منه حدث الجنابة وزيادة، وهي الوطء والصوم، وقيل بأن الحائض أولى بالترخيص؛ لطول مدته؛ ولأنه ليس في يد الحائض رفعه. انظر: فتح الباري لابن رجب (٢/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>