للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أورد حديث ابن عمر مرفوعاً وفيه: « … وأعفوا اللحى» (١).

- أما القول بأن الأحاديث الثابتة في الباب علّقت الأمر بمخالفة غير المسلمين؛ فلا يُسلّم به، بل إنَّ أصح أحاديث الباب وهو حديث ابن عمر -رضي الله عنه- المتفق عليه، ليس فيه ذكر مخالفة المشركين في أصحّ وأكثر طُرقه، وقد سبق بيان ذلك في تخريج الحديث، وقد أشار إلى ذلك البيهقي بقوله: (وزاد فيه عمر بن محمد بن زيد، عن نافع: «خالفوا المشركين» (٢).

- هذا في حديث ابن عمر -رضي الله عنه-، وصح في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: « … أرخوا اللحى خالفوا المجوس» (٣)، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لكن ربي أمرني أن أُحْفِيَ شاربي وأعفي لحيتي» (٤)، وورد


(١) سبق تخريجه، قال ابن حجر في الفتح (١٠/ ٣٥١) (وقال ابن دقيق العيد: تفسير الإعفاء بالتكثير من إقامة السبب مقام المسبب؛ لأن حقيقة الإعفاء الترك، وترك التعرض للحية يستلزم تكثيرها).
(٢) السنن الكبرى (١/ ٢٣٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٠).
(٤) هذ اللفظ في الطبقات لابن سعد والتمهيد وسيأتي ذكرها، والقصة أخرجها ابن أبي شيبة (٣٦٦٢٦) عن محمد بن فضيل، عن حصين، عن عبد الله بن شداد، قال: كتب كسرى إلى باذام: أني نبئت أن رجلا يقول شيئاً لا أدري ما هو، فأرسل إليه فليقعد في بيته، ولا يكن من الناس في شيء، وإلا فليواعدني موعداً ألقاه به، قال: فأرسل باذام إلى رسول -صلى الله عليه وسلم- رجلين حالقَيْ لحاهما مرسلَيْ شواربهما، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما يحملكما على هذا؟» قال: فقالا له: يأمرنا به الذي يزعمون أنه ربهم، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لكنا نخالف سنتكم، نجز هذا، ونرسل هذا»، هذا أصح ماورد في هذه القصة، وسنده صحيح لكنه مرسل، وإرساله قوي يقرب من الاتصال؛ لأن عبدالله بن شداد مولده في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وروايته عن الصحابة غالبة، وقد قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (٢٣/ ٢٧٢) عن حديث: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»: (أكثر الأئمة الثقات رووه مرسلاً عن عبد الله بن شداد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- … وهذا المرسل قد عضده ظاهر القرآن، والسنة، وقال به جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين، ومرسله من أكابر التابعين، ومثل هذا المرسل يحتج به باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم)، وهذا المرسل أيضاً قد عضده مرسل آخر صحيح، وهو ما أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٥٥٠٢) وابن سعد في الطبقات (١/ ٣٧٤)، وابن عبدالبر في التمهيد (٢٠/ ٥٥) من طريق سفيان بن عيينة و أبو العميس عتبة بن عبدالله عن عبدالمجيد بن سهل، عن عبيدالله عبدالله بن عتبة (ثقة فقيه ثبت) قال: جاء مجوسي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أعفى شاربه، وأحفى لحيته فقال: «من أمرك بهذا»؟! قال: ربي. قال: «لكن ربي أمرني أن أحفي شاربي وأعفي لحيتي»، ولهما شواهد ضعيفة عند الطبري في تاريخه (٢/ ٦٥٤) مرسلاً، و ابن بشران في أماليه (١٢٨)، قال الألباني في تخريج فقه السيرةص (٣٦٠): (حديث حسن)، ومال الجديع إلى ثبوته في كتابه "اللحية … " ص (٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>