للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدها: (وقيل: قدر قبضة، وله أخذ ما زاد عنها وتركه، نص عليه. وقيل: تركه أولى)؛ فلا تعارض بين سنية الإعفاء، وتحريم الحلق، وهم يجمعون بينهما، كقوله في الإقناع: (ويُسن … إعفاء اللحية ويحرم حلقها) (١)، وقال في دليل الطالب: (يُسن … إعفاء اللحية، وحرم حلقها ولا بأس بأخذ ما زاد على القبضة منها) (٢).

- فإذا قالوا: يسن الإعفاء فهو في الإعفاء المطلق، أما مطلق الإعفاء؛ فهو واجب؛ بدليل تحريمهم للحلق في ذات السياق، وأختم بهذا السياق الحنبلي الذي يجمع الشتات: (وسن إعفاء اللِّحية بألا يأخذ منها شْيئاً، قال في المذهب: ما لم يستهجن طولها. ويحرم حلقها، ولا بأس بأخذ ما زاد على القبضة مِنْهَا) (٣).

- والخلاصة: أن حلق اللحية ليس فيه خلاف عند الحنابلة وأنه محرم، وهو الموافق للإجماع، ولم يأت المعترض إلا بمُجملات تردها المحكمات من نصوصهم، وعندما يقولون: إن التحريم ذكره ابن تيمية، فلا يراد أنهم يختلفون في ذلك، ولذلك لم يَحْكِ ابن مفلح في "الفروع" ولا المرداوي في "تصحيح الفروع" و"الإنصاف" قولاً ولا روايةً ولا وجهاً يخالف التحريم عند ذكره عن الشيخ، بل لم يتعقبه أحد من الحنابلة.

المسألة الثانية: أدلة (٤) القائلين بجواز حلق اللحية:

استدل أصحاب هذا القول:

- بـ (أن أمر اللباس والهيئات الشخصية ومنها: حلق اللحية من


(١) الإقناع (١/ ٢٠).
(٢) دليل الطالب لنيل المطالب ص (١٠).
(٣) كشف المخدرات (١/ ٥٦).
(٤) تسميتها أدلة من باب التجوّز، وإلا فلا يوجد في الأدلة الشرعية المتفق عليها والمختلف فيها شيء مما ذكروا، وأبرز ما ذكروه هو الاعتراضات على الأدلة وقد سبقت، وأكثر من اعترض عليها فيما وقفت عليه هو عبدالله الجديع، وقد أطال في ذلك حتى يصل لهذه الحقيقة التي فيها إزراء واحتقار لطريقة جميع العلماء، وتعظيم لطريقته ومسلكه حين قال ص (١٩٢): (ولا ينقضي العجب هنا ممن يريد أن يجعل من الأمر بإعفاء اللحية عباده محضة، ملغياً ما اتفقت على ذكره جميع الأحاديث الثابتة في اللحية، فذلك من الخروج عن طريق الفقه، وعمل ببعض الدليل، وإلغاء لسائره، وهو منهج مختلّ لا يصلح أن يوصف حتى بالجمود على النص؛ لأن الجمود لا يلغي صاحبه دلالة شيء من ألفاظ الخبر، فمن يصير إلى هذه المنهجية ضل طريق أهل الفقه والنظر، كما ضلّ طريق أهل الظاهر والأثر) انتهى، وقارن بين هذا الأسلوب وأسلوبه في مقدمة كتابه ص (٧) ومما قاله: (ولست أريد منك أن تنتهي إلى ما انتهيت إليه، ولكني أردت أن أطلعك على نظر قد تكون عنه غافلاً، كما أردت أن تعترف بحقي في الرأي كما تراه لنفسك، إذ نستقى جميعاً من معين واحد).

<<  <  ج: ص:  >  >>