للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة) (١)، وقال الحسن: (كانوا يرخصون فيما زاد على القبضة من اللحية أن يؤخذ منها) (٢)، فهم يحبون الإعفاء، و لا يوجبون الأخذ، ولايحرمون الترك بل يحبونه، و (يرخصون) فيما زاد عن القبضة بالأخذ مما يدل على أن ذلك رخصة جائزة لا واجبة، وقد كان طاوس: (يأخذ من لحيته، ولا يوجبه) (٣).

- ثم إن المنقول عنهم هي الأفعال، وأفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تدل على الوجوب إلا في حالات خاصة، فكيف بمن دونه، ولاشك أن أفعالهم لا تدل على الوجوب.

ويمكن الجواب عن هذه المناقشة:

- بأن تخصيص النص العام بعمل الصحابة مما هو معروف، وبخاصة إذا انتشر ولم يوجد مخالف أو كان هو الراوي، و (الخلاف فيه بما إذا لم يعلم انتشاره، وإن انتشر وانقرض العصر كان التخصيص به؛ لأنه إما إجماع أو حجة) (٤).

- هذا إذا لم نقل بأن جواز الأخذ إجماع من السلف، وليس هذا ببعيد مع قول عدد من التابعين: (كانوا)، وقد قال القرافي عن الإجماع: (وهو مقدم على الكتاب والسنة والقياس) (٥)، وهذا التقديم باعتبار أن النص يقبل النسخ والتأويل بخلاف الإجماع،


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٥٤٨٢).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٥٤٨٤).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٢٥٤٨٣).
(٤) تشنيف المسامع بجمع الجوامع (٢/ ٧٩١)، وانظر: إجمال الإصابة في أقوال الصحابة ص (٨٤)، البحر المحيط (٤/ ٥٢٧).
(٥) شرح تنقيح الفصول ص (٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>