للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} فالطرف الأول صلاة الفجر … وأما الطرف الثاني فمن الزوال إلى الغروب، فجعل الصلاة وأشرك بينهما فيه، ثم قال: {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} وهي ساعات من الليل. فالوقت هنا ثلاثة، وكذلك في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} … فالأول يتناول الظهر والعصر تناولاً واحداً، والثاني يتناول المغرب والعشاء تناولاً واحداً، ثم قال: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} وهي صلاة مفردة لا تجمع ولا تقصر) (١).

وقال: (الجمع على ثلاث درجات: أما إذا كان سائراً في وقت الأولى فإنما ينزل في وقت الثانية، فهذا هو الجمع الذي ثبت في الصحيحين من حديث أنس وابن عمر، وهو نظير جمع مزدلفة، وأما إذا كان وقت الثانية سائراً أو راكباً فجمع في وقت الأولى فهذا نظير الجمع بعرفة … وأما إذا كان نازلاً في وقتهما جميعاً نزولا مستمراً: فهذا ما علمت روي ما يستدل به عليه إلا حديث معاذ … فإن ظاهره أنه كان نازلاً في خيمة في السفر وأنه أخر الظهر ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً ثم دخل إلى بيته ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً. فإن الدخول والخروج إنما يكون في المنزل، وأما السائر فلا يقال: دخل وخرج بل نزل وركب. وتبوك هي آخر غزوات النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يسافر بعدها إلا حجة الوداع وما نقل أنه جمع فيها إلا بعرفة ومزدلفة، وأما بمنى فلم ينقل أحد أنه جمع هناك بل نقلوا أنه كان يقصر الصلاة هناك، ولا نقلوا أنه كان يؤخر الأولى إلى آخر وقتها ولا يقدم الثانية إلى أول وقتها، وهذا دليل على أنه كان يجمع أحياناً في السفر، وأحياناً لا يجمع وهو الأغلب على


(١) جامع المسائل (٦/ ٣٣٨ - ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>