للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- بل كان ابن سيرين يكره الجمع ولو مع العذر كما قال ابن المنذر: (وكرهت طائفة الجمع بين الصلاتين إلا عشية عرفة وليلة جمع، هذا قول الحسن البصري ومحمد بن سيرين) (١)، وأسنده ابن أبي شيبة فقال: حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام، عن الحسن، ومحمد، قالا: (ما نعلم من السنة الجمع بين الصلاتين في حضر ولا سفر، إلا بين الظهر والعصر بعرفة، وبين المغرب والعشاء بجمع) (٢)، فالجمع الجائز مراتب: منه ما هو سنة ومنه ما هو رخصة، والرخصة قد يترجح الأخذ بها وقد يترجح تركها.

- وقول ابن اسيرين في جواز الجمع للعذر نصره ابن المنذر وقال: (ثبت من حديث أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله لما قيل له لم فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته، ولو كان ثم مطر من أجله جمع بينهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذكره ابن عباس عن السبب الذي جمع بينهما … إذا ثبتت الرخصة في الجمع بين الصلاتين جمع بينهما للمطر والريح والظلمة ولغير ذلك من الأمراض وسائر العلل) (٣).

- ولم ينفرد ابن سيرين بذلك، قال الخطابي: (وكان ابن المنذر يقول ويحكيه عن غير واحد من أصحاب الحديث. وسمعت أبا بكر القفال يحكيه، عَن أبي إسحاق المروزي. قال ابن المنذر: ولا معنى لحمل الأمر فيه على عذر من الأعذار؛ لأن ابن عباس قد أخبر بالعلة فيه وهو قوله أراد ألا تحرج أمته) (٤).


(١) الأوسط (٢/ ٤٢٣)، ونسب إليه ابن قدامة في المغني (٢/ ٢٠٠) عدم الجواز كقول الحنفية، والكراهة أو نحوها أدق.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٨٢٥٥).
(٣) الأوسط (٢/ ٤٣٣).
(٤) معالم السنن (١/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>