للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- فالصحابي الراوي وهو من فقهاء الصحابة عبّر عن سبب الجمع بقوله: (أراد ألا يحرج أمته) أي: (لا يضيق عليها في ترك الجمع) (١)، (فلم يعلّله بمرض ولا غيره) (٢) ولو كان ثمّ خوف أو مطر أو مرض لذَكَره، و (كل تأويل أَوَّلوه في هذا الحديث يرده قول ابن عباس: "أراد أن لا يحرج أمته") (٣).

- فيؤخذ منه أن كل أمر يُلحق حرجاً ومشقةً بتأدية كل صلاة في وقتها، فهو عذر يجوز معه الجمع بين الصلاتين (٤)، و (ليس لأحد أن يتأول في الحديث ما ليس فيه … لأنه ليس في الحديث ذكر مطر ولا غيره، بل قال من حَمَل الحديث: أراد أن لَا تُحْرَج أمَّتُه) (٥)، والأصل أن (الراوي أعرف بمعنى ما روى) (٦).

- ثم إن الراوي ابن عباس كما بيّن العذر بقوله، فقد وضحه بتطبيقه وفعله حين خطب الناس في أمر يهمهم حتى جمع بين الصلاتين لهذه الحاجة (وقال لمن استعجله في صلاة المغرب وقد بدت النجوم: أتعلمني بالسنة لا أمَّ لك؟! … وفعلُ ابن عباس، وتصديقُ أبي هريرة يدلان على أن الحديث معمول به غير منسوخ) (٧). وقد (خطب بعد صلاة العصر إلى أن بدت النجوم ثم جمع بين المغرب والعشاء، وفيه تصديق أبي هريرة لابن عباس في رفعه) (٨).


(١) الإفصاح عن معاني الصحاح (٣/ ٩١)، قال في الشرح الممتع: (٤/ ٣٩٠): (أي: أن لا يلحقها حرج في عدم الجمع، ومن هنا نأخذ أنه متى لحق المكلف حرج في ترك الجمع جاز له أن يجمع).
(٢) شرح النووي على مسلم (٥/ ٢١٩).
(٣) نخب الأفكار (٣/ ٢٤٢).
(٤) انظر: الفروع (٣/ ١١١).
(٥) الأم للشافعي (٧/ ٢١٦) وكلامه ليس تقريراً وإنما نقلاً لبعض المذاهب.
(٦) فتح المغيث (١/ ٢٩٨) وهذا من المرجحات في المتن. انظر: المعونة في الجدل ص (١٢٣).
(٧) العدة في شرح العمدة للعطار (٢/ ٦٦٤)، وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٤/ ٨١).
(٨) فتح الباري لابن حجر (٢/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>