للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكره أن أركب مركباً لا أكون فيه ضامناً على الله) (١)، وقوله: (هذه الكُنَاسَة مَهْلَكة دنياكم وآخرتكم) (٢)، قال ابن كثير: (يعني الشهوات وما يأكلونه) (٣).

- ومن ذلك الأثر الذي معنا، فإن ذلك زهد منه، ولذلك قرائن مضى بعضها، وما سيأتي أوضح، فقد جاء في رواية أن ابنته قالت له: (إن الجواري يعيّرنني، يقلن: إن أباك لا يحليك الذهب، فقال: قولي لهن: إن أبي لا يحليني الذهب يخشي على حر اللهب) (٤)، فلو كان محرّماً عنده لأنكر على النساء لبسهن للحرام الذي انتشر بينهن حتى عيّرن من لم يلبسه.

- وجاء في رواية أخرى أنه قال: (يا بنية لا تلبسي المذهب، إني أخشى عليك اللهب، ولا تلبسي الحرير إني أخشى عليك الحريق) (٥)، فهاهو يمنع ابنته من الحرير أيضاً، مما يدل على منعه ذلك تزهداً وتقللاً من النعيم الذي يُسأل عنه المرء.

- ومن الاحتمالات ماقاله الذهبي: (وكأنه كان يذهب إلى تحريم الذهب على النساء أيضاً، أو أن المرأة إذا كانت تختال في لبس


(١) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٢/ ٥)، وعبد الرزاق في الأمالي (٢٠٠)، ومن طريقه أحمد في الزهد (٩٨٩) عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير به، وفيه انقطاع، قال أبوحاتم: (يحيى بن أبي كثير لم يدرك أحداً من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أنساً فإنه رآه رؤية ولم يسمع منه) كما في المراسيل لابنه ص (٢٤٤)، وانظر: جامع التحصيل ص (٢٩٩).
(٢) أخرجه أبونعيم في الحلية (١/ ٣٨٠)، والبيهقي في الشعب (١٠٢٠٥) من طريق شعبة، عن سماك، عن أبي الربيع، قال: سمعت أبا هريرة، ولابأس بإسناده.
(٣) البداية والنهاية (١١/ ٣٨٢).
(٤) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٧/ ٣٦٩)، وانظر: البداية والنهاية (١١/ ٣٨١).
(٥) أخرجه أحمد في الزهد (٨٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>