ولقد كان عدد الوفد عشرة جاؤا نائبين عمن وراءهم وقد أعلنوا إسلامهم، وإسلام قومهم.
ولقد نزلوا فى ضيافة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فكان بلال يأتيهم بالغداء والعشاء، حتى التقوا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم معلنين إسلامهم وإسلام قومهم.
وقد جاء معهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوما من الظهر إلى العصر. وكان فيهم رجل أخذ النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بالنظر فيه، وأدامه فيه.
فقال المحاربى: كأنك يا رسول الله توهمتنى.
فقال النبى عليه الصلاة والسلام: لقد رأيتك. وكأنه آلى أنه كان منه شيء.
قال المحاربى: إى والله لقد رأيتنى وكلمتنى وكلمتك بأقبح الكلام ورددتك بأقبح الرد، بعكاظ وأنت تطوف على القبائل.
فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: نعم.
قال المحاربى: ما كان فى أصحابى أشد عليك يومئذ ولا أبعد عن الإسلام منى. فأحمد الله الذى أبقانى حتى صدقت بك، ولقد مات أولئك النفر الذين كانوا معى على دينهم.
فقال النبى صلى الله تعالى عليه وسلم: إن هذه القلوب بيد الله عز وجل.
قال المحاربى: يا رسول الله استغفر لى من مراجعتى إياك.
قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن الإسلام يجب ما كان قبله من كفر.
ثم انصرفوا من بعد ذلك عائدين إلى أهلهم.
وقد نرى فى هذا الوفد ولقاء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ظاهرتين واضحتين:
إحداهما: أن الله تعالى قد يخرج من القلوب القاسية قلوبا مذعنة طيبة.
الثانية: ضلال العقول وسيرها فى الشر، فإذا قذف الله تعالى فيها بنور الحق اهتدت وآمنت وسبحان مقلب القلوب.
وإنك ترى سماحة النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، ورفقه، وإتيانه القلوب من حيث إقبالها.