وأقول قال على كرم الله وجهه، فى أيام شدائد البغى ومقاومته: ما أفل لبنى تميم نجم إلا بزغ لهم نجم آخر. والله أعلم.
[وفد ثقيف]
٦٥٨- امتنع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن هدم حصون ثقيف، وحرق كرومهم، وأنهى الحرب، لأنها كانت آخر شوال، وأقبل ذو القعدة الحرام، ولأن منهم من مال إلى الإسلام، وفشا الإسلام فى الطائف، ولكن نخوة الجاهلية وغلظ قلوبهم منعتهم من التسليم، وإن كان الإسلام قد فشا فيهم.
فلما انصرف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عنهم، اتبع أثره عروة بن مسعود، وقد ذكرنا لقاءه بالنبى صلى الله تعالى عليه وسلم وعودته إلى قومه، وقتلهم له بالنبل.
بعد قتل عروة، وكان محبوبا فيهم، أحسوا بأنهم صاروا منفردين بين العرب، وخصوصا أن مكة المكرمة التى تقرب منهم قد أسلمت وأذعنت، وأن القبائل تدخل فى الإسلام، وربما كان مقتل عروة المحبوب فيهم كان له أثر فى نفوسهم بالندم على قتل محبوب، فصغت قلوبهم لما كان يدعوهم إليه، ورأوا أنه لا طاقة لهم بالعرب، وأن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إن أعاد الكرة عليهم لم يكن لهم به طاقة، بل إنهم اليوم لا طاقة لهم بين العرب.
اتجه عمرو بن أمية من كبرائهم إلى كبير آخر فيهم هو عبد ياليل، فقال له:
«إنه قد ذهب أمر ليست معه هجرة، إنه قد كان من أمر هذا الرجل ما قد رأيت، قد أسلمت العرب كلها، وليست لكم بحربهم طاقة فانظروا فى أمركم» .
عندئذ ائتمرت ثقيف بينها، وقال بعضهم لبعض، أفلا ترون أنه لا يؤمن لكم سرب، ولا يخرج منكم أحد إلا اقتطع، فأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رجلا، كما أرسلوا عروة، فامتنع إلا أن يكون معه نفر منهم خشية أن يصنعوا به مثل ما صنعوه بعروة بن مسعود.
بعثوا عبد ياليل فى وفد من خمسة كانوا فى جملتهم ستة.
قدموا المدينة المنورة، فكان على رعية إبل الصدقة وكان بها المغيرة بن شعبة؛ لأنها نوبته، وكانوا يتولون عليها بالمناوبة، وعندما رآهم المغيرة نهض مسرعا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فلقيه أبو بكر، فأراد أن يسبقه هو إلى إخبار الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم فأخبره.