للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخير، وقد كانت مع شر خلق الله، وكذلك في امرأة نوح ولوط اللتين خانتا هذين الرسولين الطاهرين، وقد قال تعالى في ذلك: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ، إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا، وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ، وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ (التحريم- ١١، ١٢) .

ويقول الله تعالى قبل هاتين الآيتين: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما، فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللَّهِ شَيْئاً، وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (التحريم- ١٠) .

فكان نساء النبى صلى الله تعالى عليه وسلم من الطيبات.

[الأثر النفسى من على كرم الله وجهه:]

٤٩٩- يبدو من سياق القصة كما روتها أم المؤمنين عائشة رضى الله تبارك وتعالى عنها أن كلام على رضى الله تعالى عليه لم يقع من نفسها موقع الرضا، كما وقع كلام أسامة، وكما وقع كلام الصحابة الذين قالوا خيرا.

وذلك لأن عليا كرم الله وجهه لم يكن في كلامه ما يرضى، ولكن كان في كلامه ما يكون سبيلا لإنهاء الموضوع، ولكيلا يشغل النبى صلى الله تعالى عليه وسلم بأمر عارض.

وما كان يرضى كلام على عائشة، لأنه لم يشهد بالبراءة كما شهد غيره، ولعلها كانت ترى أنه أعلم ببراءتها أكثر من غيره من الصحابة، ولأن له بالبيت الذى هى فيه صلة، فشهادته تكون أقوى من شهادة غيره.

ولأنه قال كلاما لا يرضى من لها مكانة عائشة في قلب النبى، لأنه قال: النساء غيرها كثيرات وأن له أن يستخلف غيرها.

وإذا كان ذلك لم يرض البريئة الطاهرة، فإنه كان السبيل إلى صرف النبى صلى الله تعالى عليه وسلم إلى التحقيق، ووراء التحقيق كان الاطمئنان الابتدائى، ثم كان وراءه الإبراء لها من النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ثم الإبراء لها من الله تعالى.

ولقد استرسل المؤرخون في ذكر ما بينها وبين على كرم الله وجهه، حتى جعلوه سبب الخروج عليه في واقعة الجمل، وقالوا ما قالوا في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>