للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد بذلوا في جهادهم كل الأسباب، وقد فاتهم النصر الحاسم كمن كان الشيطان قد استزلهم بأن أوقعهم في الزلل، بما كسبت قلوبهم من طلب للمال.

والآخرون الذين لم ينلهم الاطمئنان لأنهم الذين باشروا سبب الفزع والاضطراب الذى أصاب الجيش قد أهمتهم أنفسهم، فكانوا في هم دائم، لأنهم فقدوا المال الذى كانوا يريدونه، وأصابتهم حسرة من الجراح التى نزلت بهم، وبالمؤمنين، ولأنهم لم يطيعوا.

ولقد حدث من بعضهم أنه بعد الانكسار المؤقت الذى أصاب الجيش فكر بعضهم في أن يكتب إلى عبد الله بن أبى رأس المنافقين، يؤمنون أنفسهم عنده، ويظهرون له الطاعة بعد العصيان.

فقد جاء في تاريخ الحافظ ابن كثير أن بعض الذين كانوا قد هموا بالفشل أنهم قالوا «ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبى فيأخذ لنا أمنة من أبى سفيان، يا قوم إن محمدا قد قتل، فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم، فقال أنس بن النضر: يا قوم إن كان محمد قد قتل، فإن رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد، اللهم إنى أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل» .

وقد أشرنا إلى ذلك من قبل، نذكره هنا بيانا لما نشير إليه، فهؤلاء هم الذين أهمتهم أنفسهم، وقد جرهم الشيطان إلى الزلل بسبب ما كسبت نفوسهم من تردد، ومرض نفسى، فكان زللهم نكبة للجيش، وإن لم تؤد إلى هزيمة، وإن هذا يزكى ما قلنا في أوّل القول عند ما وصفنا جيش المسلمين، بأن فيه بعض المترددين دعاة الهزيمة إذا وجدت أسبابها، وأنهم ما جاؤا إلا للغنائم، وأنهم نفسوا على أهل بدر ما نالوا من أنفال، فلم يريدوا القتال إلا لينالوا مثل ما نال الذين سبقوا بالجهاد حقا وصدقا.

[تمام المعركة]

٤٢٩- قلنا إن غزوة أحد لم تكن فيها هزيمة على المؤمنين، وإنما الذين أنهوها هم المشركون ولم تكن قد انتهت من قبل المؤمنين.

نعم إنه كانت جراحات في المؤمنين، ولكن لم تثخنهم، وكانت جراحات في المشركين دون جراحات في المؤمنين، ولم يكن عمل المشركين إلا أن جاؤا فأخذوا ببعض ثأراتهم، ولم يأخذوا بها كاملة، فهل نالوا من على نيلا؟ وهل نالوا من الزبير؟ وهل نالوا من أبى دجانة؟ وهل نالوا من طلحة بن عبيد الله؟ فإن كانوا قد نالوا من حمزة، فإن الذين وتروهم كانوا لهم بالمرصاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>