للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قالوا إن هودا كان أول نبى بعد نوح عليه السلام، وربما يوميء إلى ذلك ما حكاه الله تعالى فى خطابه لقومه: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً، فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. قالُوا أَجِئْتَنا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ، وَنَذَرَ ما كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ «١» .

ونرى من هذا النص أنه يوميء إلى أن هودا جاء من بعد نوح، وأن قومه كانوا خلفاء من بعد نوح ثم يؤتى بالإشارة من جهة أخرى أن قوم نوح كانوا فى أرض العرب، كما كان خلفاؤهم، والله أعلم.

وإن عادا كانوا من أقوى قبائل العرب منعة، وأقواها شكيمة، ولكن كانوا أشدها غرورا، كما قال الله تعالى عنهم: فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً، وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ. فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ «٢» .

وهكذا نرى هودا عليه السلام يجادل قومه بالحسنى أو التى هى أحسن، وهم يجادلونه بالعنف أو الطغيان حتى أهلكهم الله تعالى بريح صرصر عاتية.

[صالح عربى:]

٣١- صالح عليه السلام هو نبى ثمود، وكانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر الذى بين الحجاز وتبوك، وقد مر بديارهم رسول الله محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك فى الغزوة التى قد غزاها.

كان يدعوهم إلى التوحيد، وكانت بينته ناقة لا يمسوها بسوء، وإلا كانوا خاسرين كما قال تعالى حكاية عن سيدنا صالح وقومه: وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً، قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ، قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ، هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً، فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «٣»

ولقد كان قوم صالح من بعد عاد قوم هود. إذ كانوا خلفاءهم، وكانوا أقوى وأكثر عددا كما قال تعالى: وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ، وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً، وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً، فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ «٤» .


(١) سورة الأعراف: ٧٠.
(٢) سورة فصلت: ١٦.
(٣) سورة الأعراف: ٧٣.
(٤) سورة الأعراف: ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>