٦١٣- يذكر البخارى وغيره أن المتعة حرمت نهائيا فى غزوة الفتح، وكان فيها التحريم قاطعا، ناسخا للترخص فيها إلى يوم القيامة.
وقد تكلمنا عن المتعة عند الكلام فى الأحكام التى ثبتت فى غزوة خيبر، ونذكر هنا بأننا قلنا أنها لم تبح ساعة من زمان، وإنما هى من اتخاذ الأخدان سكت عنه النبى صلى الله تعالى عليه وسلم، فكانت موطن عقد حتى أعلن النبى صلى الله تعالى عليه وسلم زوال العقود فيها بقوله عليه الصلاة والسلام وبالقرآن الكريم القاطع المانع، ولقد شرحناها فى موضعها من القول.
ولا مانع من أن نذكر ما قاله علماء الفقه والحديث هنا، وإن كنا قد أشرنا إليه فيما مضى من قولنا
يقول الحافظ ابن كثير فى تاريخه: «من أثبت أن النهى عنها فى غزوة خيبر، قال إنها أبيحت مرتين، وحرمت مرتين وقد نص على ذلك الشافعي، وقيل إنها حرمت مرة واحدة، وهى هذه المرة فى غزوة الفتح، وقيل إنها أبيحت وحرمت أكثر من مرتين.
وقيل إنها أبيحت للضرورة، فعلى هذا إذا وجدت ضرورة أبيحت وهذه رواية عن أحمد، وهذا قول جاف عن الشريعة، فما هى الضرورة، وقد نسب هذا القول إلى الإمام ابن عباس.
[المبايعة على الإسلام]
٦١٤- قلنا إن الفتح لم يكن لقاء معركة، وإنما كان لقاء مودة ومحبة، ومع المحبة والمودة كانت الدعوة إلى الإسلام، وقد دخل الناس فى دين الله أفواجا أفواجا، إذ جاء نصر الله العزيز الحكيم.
وروى البيهقى أن الناس كانوا يبايعون على الإسلام رجالا كبارا، وغلمانا صغارا إذا كانوا قد بلغوا حد الإدراك، وكانت تلك المبايعة على الدخول فى طاعة الإسلام، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وكانت بيعة النساء على ذلك، وكانت على أخذ العهد، بألا يفعلن شيئا من المحرمات:
وقال ابن جرير الطبرى:
اجتمع الناس بمكة المكرمة لبيعة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، فجلس لهم على الصفا، وعمر بن الخطاب أسفل من مجلسه، فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ورسوله فيما استطاعوا، فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة منتقبة متنكرة، لحدثها من صنيعها