للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الجيشان]

٤١٨- التقى الجيشان، ولكن لم تبدأ المعركة ولابد أن نذكر الأوصاف الظاهرة والنفسية للجيشين قبل أن يخوضا المعركة، لأن الحال لهما تنبيء عن المال، والله ولى المؤمنين.

كان جيش المشركين مزودا بكل أسباب القوة المادية فعددهم أضعاف مضاعفة لعدد المؤمنين، ومن ناحية الدوافع النفسية كان يدفعهم إلى القتال أولا الثأر، ومحاولة استرداد مكانتهم في العرب، والخشية على تجارتهم التى كانت مصدر ثروتهم، وقد تهددتها قوة المسلمين، وقد أخذوا عليهم كل مرصد، فوجد الدافع إلى القتال والاستماتة فيه من النفس والنفيس، وأدركوا أن الأمر بينهم وبين النبى صلى الله تعالى عليه وسلم أمر حياة عزيزة كريمة يتفاخرون فيها، أو موت ذليل فيه العار والثبور.

ولقد أخذوا يعدون العدة الحربية في التنظيم آخذين مما صنع النبى صلى الله تعالى عليه وسلم وهو تنظيم الصفوف، فالمحارب مأخوذ بنظام محاربه تسرى إليه بالمحاكاة والمدافعة نظمه ومسالكه.

ولقد أخذوا نساءهم معهم، وكلهن موتورات محنقات، فأرادوا أن يثبتوا بهن، وألا يرتكبن عار الفرار أمامهن، ويسلموهن للسبى.

وكل ذلك لتقوى الروح المعنوية، ولا يفرون يوم الزحف، وقد رأوا محمدا صلى الله تعالى عليه سلم وصحبه يثبتون عند الحرب ولا يفرون يوم الزحف.

ولقد روى أنه لما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض قامت هند بنت عتبة في النسوة اللائى معها، وأخذن يضربن بالدفوف ويحرضن على القتال، وكان اللواء في بنى عبد الدار فقالت محرضة لهن:

ويها بنى عبد الدار، ويها حماة الأدبار، ضربا بكل بتار.

إن تقبلوا نعانق ... ونفرش النمارق

أو تدبروا نفارق ... فراق غير وامق

ولقد كان أبو سفيان حريصا على بث الروح الدافعة إلى القتال في جنوده إلى آخر لحظة قبل القتال، لقد كان اللواء لبنى عبد الدار، وروى أبو إسحاق أن أبا سفيان قال لهم يحرضهم على القتال: يا بنى عبد الدار، قد وليتم لواء يوم بدر، فأصابنا ما قد رأيتم، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم، إذا زالت زالوا، فإما أن تكفونا لواءنا، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه فهموا به وتواعدوه وقالوا نحن نسلم إليك لواءنا ستعلم غدا إذا التقينا، كيف نصنع!!

<<  <  ج: ص:  >  >>